للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي الْحَدِيثِ {إنَّ ابْنِي إبْرَاهِيمَ مَاتَ فِي الثَّدْيِ} أَيْ وَهُوَ فِي زَمَنِ الرَّضَاعِ. وَهَذَا لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا رَضَاعَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ وَلَا بَعْدَ الْفِطَامِ وَإِنْ كَانَ الْفِطَامُ قَبْلَ تَمَامَ الْحَوْلَيْنِ. وَقَدْ ذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إلَى أَنَّ إرْضَاعَ الْكَبِيرِ يُحَرِّمُ. وَاحْتَجُّوا بِمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ {أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ لِعَائِشَةَ: إنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْك الْغُلَامُ الْأَيْفَعُ الَّذِي مَا أُحِبُّ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيَّ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: مَا لَك فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ قَالَتْ: إنَّ امْرَأَةَ أَبِي حُذَيْفَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ سَالِمًا يَدْخُلُ عَلَيَّ وَهُوَ رَجُلٌ فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْهُ شَيْءٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْضِعِيهِ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيْك} وَفِي رِوَايَةٍ لِمَالِكِ فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ: " {أَرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ} " فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ. وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخَذَتْ بِهِ عَائِشَةُ وَأَبَى غَيْرُهَا مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْخُذْنَ بِهِ؛ مَعَ أَنَّ عَائِشَةَ رَوَتْ عَنْهُ قَالَ: " {الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ} " لَكِنَّهَا رَأَتْ الْفَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقْصِدَ رَضَاعَةً أَوْ تَغْذِيَةً. فَمَتَى كَانَ الْمَقْصُودُ الثَّانِي لَمْ يُحَرِّمْ إلَّا مَا كَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ. وَهَذَا هُوَ إرْضَاعُ عَامَّةِ النَّاسِ. وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَيَجُوزُ إنْ اُحْتِيجَ إلَى جَعْلِهِ ذَا مَحْرَمٍ. وَقَدْ يَجُوزُ لِلْحَاجَةِ مَا لَا يَجُوزُ لِغَيْرِهَا. وَهَذَا قَوْلٌ مُتَوَجِّهٌ. وَلَبَنُ الْآدَمِيَّاتِ طَاهِرٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ؛ وَلَكِنْ شَكَّ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَقَالَ. هُوَ نَجِسٌ.