للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي يَوْمٍ وَبَعْضِ آخَرَ؛ وَتَقُولُ: لَمْ أَرَ فُلَانًا يَوْمَيْنِ. وَإِنَّمَا تُرِيدُ يَوْمًا وَبَعْضَ آخَرَ. قَالَ " كَامِلَيْنِ " لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْقُصَ مِنْهُمَا. وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْله تَعَالَى {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} فَإِنَّ لَفْظَ " الْعَشَرَةِ " يَقَعُ عَلَى تِسْعَةٍ وَبَعْضِ الْعَاشِرِ. فَيُقَالُ: أَقَمْت عَشَرَةَ أَيَّامٍ. وَإِنْ لَمْ يُكْمِلْهَا. فَقَوْلُهُ هُنَاكَ {كَامِلَةٌ} بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ هُنَا {كَامِلَيْنِ} وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ: قَالَ {الْخَازِنُ الْأَمِينُ الَّذِي يُعْطِي مَا أُمِرَ بِهِ كَامِلًا مَوْفُورًا طَيِّبَةً بِهِ نَفْسُهُ أَحَدُ الْمُتَصَدِّقِينَ} " فَالْكَامِلُ الَّذِي لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ شَيْءٌ؛ إذْ الْكَمَالُ ضِدُّ النُّقْصَانِ. وَأَمَّا " الْمُوَفَّرُ " فَقَدْ قَالَ: أَجْرُهُمْ مُوَفَّرًا. يُقَالُ: الْمُوَفَّرُ. لِلزَّائِدِ؛ وَيُقَالُ: لَمْ يُكْلَمْ. أَيْ يُجْرَحْ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَد فِي " كِتَابِ الزُّهْدِ " عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: {أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِمُوسَى وَمَا ذَاكَ لِهَوَانِهِمْ عَلَيَّ وَلَكِنْ لِيَسْتَكْمِلُوا نَصِيبَهُمْ مِنْ كَرَامَتِي سَالِمًا مُوَفَّرًا؛ لَمْ تَكْلِمْهُ الدُّنْيَا وَلَمْ تَكْلِمْهُ نطعة الْهَوَى} وَكَانَ هَذَا تَغْيِيرَ الصِّفَةِ وَذَاكَ نُقْصَانَ الْقَدْرِ وَذَكَرَ " أَبُو الْفَرَجِ " هَلْ هُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْوَالِدَاتِ؟ أَوْ يَخْتَصُّ بِالْمُطَلَّقَاتِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ. وَالْخُصُوصُ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ وَالضَّحَّاكِ والسدي وَمُقَاتِلٍ فِي آخَرِينَ. وَالْعُمُومُ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ الدِّمَشْقِيِّ وَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى فِي آخَرِينَ. قَالَ الْقَاضِي وَلِهَذَا نَقُولُ: لَهَا أَنْ تُؤَجِّرَ نَفْسَهَا لِرِضَاعِ وَلَدِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ مَعَ الزَّوْجِ أَوْ مُطَلَّقَةً. " قُلْت " الْآيَةُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ؛ فَإِنَّهَا أَوْجَبْت لِلْمُرْضِعَاتِ رِزْقَهُنَّ وَكِسْوَتَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ؛ لَا زِيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ. وَهُوَ يَقُولُ: تُؤَجِّرُ نَفْسَهَا