للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَتَحْصِينٍ أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَرْضِيَّةٍ: فَلِلْأَبِ أَخْذُهَا مِنْهَا. وَهَذَا هُوَ الَّذِي رَاعَاهُ أَحْمَد فِي الرَّاوِيَةِ الْمَشْهُورَةِ عَنْ أَصْحَابِهِ؛ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ لَا بُدَّ مِنْ رِعَايَةِ حِفْظِهَا وَصِيَانَتِهَا وَأَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يَنْتَزِعَهَا مِنْ الْأُمِّ إذَا لَمْ تَكُنْ حَافِظَةً لَهَا بِلَا رَيْبٍ فَالْأَبُ أَقْدَرُ عَلَى حِفْظِهَا وَصِيَانَتِهَا وَهِيَ مُمَيِّزَةٌ لَا تَحْتَاجُ فِي بَدَنِهَا إلَى أَحَدٍ وَالْأَبُ لَهُ مِنْ الْهَيْبَةِ وَالْحُرْمَةِ مَا لَيْسَ لِلْأُمِّ. وَأَحْمَد وَأَصْحَابُهُ إنَّمَا يُقَدِّمُونَ الْأَبَ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ حِرْزٌ فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ الْأَبَ عَاجِزٌ عَنْ حِفْظِهَا وَصِيَانَتِهَا أَوْ مُهْمِلٌ لِحِفْظِهَا وَصِيَانَتِهَا فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ الْأُمَّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. فَكُلُّ مَنْ قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ إنَّمَا نُقَدِّمُهُ إذَا حَصَلَ بِهِ مَصْلَحَتُهَا أَوْ انْدَفَعَتْ بِهِ مَفْسَدَتُهَا. فَأَمَّا مَعَ وُجُودِ فَسَادِ أَمْرِهَا مَعَ أَحَدِهِمَا فَالْآخَرُ أَوْلَى بِهَا بِلَا رَيْبٍ حَتَّى الصَّغِيرُ إذَا اخْتَارَ أَحَدَ أَبَوَيْهِ وَقَدَّمْنَاهُ إنَّمَا نُقَدِّمُهُ بِشَرْطِ حُصُولِ مَصْلَحَتِهِ وَزَوَالِ مَفْسَدَتِهِ. فَلَوْ قَدَّرْنَا أَنَّ الْأَبَ دَيُّوثٌ لَا يَصُونُهُ وَالْأُمُّ تَصُونُهُ: لَمْ نَلْتَفِتْ إلَى اخْتِيَارِ الصَّبِيِّ فَإِنَّهُ ضَعِيفُ الْعَقْلِ قَدْ يَخْتَارُ أَحَدَهُمَا لِكَوْنِهِ يُوَافِقُ هَوَاهُ الْفَاسِدَ وَيَكُونُ الصَّبِيُّ قَصْدُهُ الْفُجُورُ وَمُعَاشَرَةُ الْفُجَّارِ وَتَرْكُ مَا يَنْفَعُهُ مِنْ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَالْأَدَبِ وَالصِّنَاعَةِ فَيَخْتَارُ مِنْ أَبَوَيْهِ مَنْ يَحْصُلُ لَهُ مَعَهُ مَا يَهْوَاهُ وَالْآخَرُ قَدْ يَرُدُّهُ وَيُصْلِحُهُ وَمَتَى كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مَنْ يَفْسُدُ مَعَهُ حَالُهُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {مُرُوهُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعِ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ} " فَمَتَى كَانَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ يَأْمُرُهُ بِذَلِكَ وَالْآخَرُ