للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حَرَّمَ الْقَلِيلَ؛ لِأَنَّهُ يَدْعُو إلَى الْكَثِيرِ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي جَمِيعِ الْمُسْكِرَاتِ.

وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:

عَنْ " الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ " هَلْ فِيهِمَا إثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ؟ وَمَا هِيَ الْمَنَافِعُ؟

فَأَجَابَ:

هَذِهِ الْآيَةُ أَوَّلُ مَا نَزَلَتْ فِي الْخَمْرِ؛ فَإِنَّهُمْ سَأَلُوا عَنْهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ؛ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ فِيهَا " إثْمًا " وَهُوَ مَا يَحْصُلُ بِهَا مِنْ تَرْكِ الْمَأْمُورِ وَفِعْلِ الْمَحْظُورِ وَفِيهَا " مَنْفَعَةٌ " وَهُوَ مَا يَحْصُلُ مِنْ اللَّذَّةِ وَمَنْفَعَةِ الْبَدَنِ وَالتِّجَارَةُ فِيهَا فَكَانَ مِنْ النَّاسِ مَنْ لَمْ يَشْرَبْهَا وَمِنْهُمْ مَنْ شَرِبَ؛ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا شَرِبَ قَوْمٌ الْخَمْرَ فَقَامُوا يُصَلُّونَ وَهُمْ سُكَارَى؛ فَخَلَطُوا فِي الْقِرَاءَةِ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} فَنَهَاهُمْ عَنْ شُرْبِهَا قُرْبَ الصَّلَاةِ؛ فَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ تَرَكَهَا. ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} . " فَحَرَّمَهَا اللَّهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ؛ فَقَالُوا: انْتَهَيْنَا. انْتَهَيْنَا. وَمَضَى حِينَئِذٍ أَمْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِرَاقَتِهَا؛ فَكُسِرَتْ الدِّنَانُ وَالظُّرُوفُ؛ وَلَعَنَ عَاصَرَهَا؛ وَمُعْتَصِرَهَا؛ وَشَارِبَهَا؛ وَآكِلَ ثَمَنِهَا.