للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ إنَّهُ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: مِنْ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالْعَسَلِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ؛ وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ. وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْبَابِ كَثِيرَةٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُبَيِّنُ أَنَّ الْخَمْرَ الَّتِي حَرَّمَهَا اسْمٌ لِكُلِّ مُسْكِرٍ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْعَسَلِ أَوْ التَّمْرِ أَوْ الْحِنْطَةِ أَوْ الشَّعِيرِ؛ أَوْ لَبَنِ الْخَيْلِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. وَفِي السُّنَنِ عَنْ عَائِشَةَ؛ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَمَا أَسْكَرَ الْفَرَقُ مِنْهُ فَمِلْءُ الْكَفِّ مِنْهُ حَرَامٌ} قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَقَدْ رَوَى أَهْلُ السُّنَنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ} مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَابْنِ عُمَرَ؛ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ الدارقطني وَغَيْرُهُ. وَهَذَا الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاهِيرُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ: مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ وَالْآثَارِ وَلَكِنَّ بَعْضَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ سَمِعُوا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي النَّبِيذِ؛ وَأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَشْرَبُونَ النَّبِيذَ: فَظَنُّوا أَنَّهُ السُّكْرُ؛ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ بَلْ النَّبِيذُ الَّذِي شَرِبَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةُ هُوَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْبِذُونَ التَّمْرَ أَوْ الزَّبِيبَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فِي الْمَاءِ حَتَّى يَحْلُوَ فَيَشْرَبُهُ أَوَّلَ يَوْمٍ وَثَانِيَ يَوْمٍ؛ وَثَالِثَ يَوْمٍ؛ وَلَا يَشْرَبُهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ؛ لِئَلَّا تَكُونَ الشِّدَّةُ قَدْ بَدَتْ فِيهِ؛ وَإِذَا اشْتَدَّ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يُشْرَبْ. وَقَدْ