للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَوَى أَهْلُ السُّنَنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا} وَرُوِيَ هَذَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ وَهَذَا يَتَنَاوَلُ مَنْ شَرِبَ هَذِهِ الْأَشْرِبَةَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الصرماء وَغَيْرَ ذَلِكَ؛ وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ وَاضِحٌ؛ فَإِنَّ خَمْرَ الْعِنَبِ قَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَحْرِيمِ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا؛ وَلَا فَرْقَ فِي الْحِسِّ وَلَا الْعَقْلِ بَيْنَ خَمْرِ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالْعَسَلِ؛ فَإِنَّ هَذَا يَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ؛ وَهَذَا يَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ؛ وَهَذَا يُوقِعُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ؛ وَهَذَا يُوقِعُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ أَمَرَ بِالْعَدْلِ وَالِاعْتِبَارِ؛ وَهَذَا هُوَ " الْقِيَاسُ الشَّرْعِيُّ " وَهُوَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ؛ فَلَا يُفَرِّقُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بَيْنَ شَرَابٍ مُسْكِرٍ وَشَرَابٍ مُسْكِرٍ فَيُبِيحُ قَلِيلَ هَذَا وَلَا يُبِيحُ قَلِيلَ هَذَا؛ بَلْ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا وَإِذَا كَانَ قَدْ حَرَّمَ الْقَلِيلَ مِنْ أَحَدِهِمَا حَرَّمَ الْقَلِيلَ مِنْهُمَا؛ فَإِنَّ الْقَلِيلَ يَدْعُو إلَى الْكَثِيرِ وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ أَمَرَ بِاجْتِنَابِ الْخَمْرِ وَلِهَذَا يُؤْمَرُ بِإِرَاقَتِهَا؛ وَيَحْرُمُ اقْتِنَاؤُهَا وَحَكَمَ بِنَجَاسَتِهَا؛ وَأَمَرَ بِجِلْدِ شَارِبِهَا؛ كُلُّ ذَلِكَ حَسْمًا لِمَادَّةِ الْفَسَادِ؛ فَكَيْفَ يُبِيحُ الْقَلِيلُ مِنْ الْأَشْرِبَةِ الْمُسْكِرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.