للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حِرَامٌ؛ وَهُوَ خَمْرٌ عِنْدَهُمْ مِنْ أَيِّ مَادَّةٍ كَانَتْ: مِنْ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ وَغَيْرِهَا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْعِنَبِ أَوْ التَّمْرِ؛ أَوْ الْحِنْطَةِ أَوْ الشَّعِيرِ أَوْ لَبَنِ الْخَيْلِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ كَانَ نَيْئًا أَوْ مَطْبُوخًا وَسَوَاءٌ ذَهَبَ ثُلُثَاهُ أَوْ ثُلُثُهُ؛ أَوْ نِصْفُهُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ. فَمَتَى كَانَ كَثِيرُهُ مُسْكِرًا حَرُمَ قَلِيلُهُ بِلَا نِزَاعٍ بَيْنَهُمْ. وَمَعَ هَذَا فَهُمْ يَقُولُونَ بِمَا ثَبَتَ عَنْ عُمَرَ؛ فَإِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا قَدِمَ الشَّامَ وَأَرَادَ أَنْ يَطْبُخَ لِلْمُسْلِمِينَ شَرَابًا لَا يُسْكِرُ كَثِيرُهُ طَبَخَ الْعَصِيرَ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ وَصَارَ مِثْلَ الرُّبِّ فَأَدْخَلَ فِيهِ أُصْبُعَهُ فَوَجَدَهُ غَلِيظًا فَقَالَ: كَأَنَّهُ الطَّلَا. يَعْنِي الطَّلَا الَّذِي يُطْلَى بِهِ الْإِبِلُ فَسَمَّوْا ذَلِكَ " الطَّلَا ". فَهَذَا الَّذِي أَبَاحَهُ عُمَرُ لَمْ يَكُنْ يُسْكِرُ وَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ جَعْفَرٍ صَاحِبُ الْخَلَّالِ: أَنَّهُ مُبَاحٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْكِرُ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْمَذْكُورِينَ إنَّهُ يُبَاحُ مَعَ كَوْنِهِ مُسْكِرًا وَلَكِنْ نَشَأَتْ " شُبْهَةٌ " مِنْ جِهَةِ أَنَّ هَذَا الْمَطْبُوخَ قَدْ يُسْكِرُ؛ لِأَشْيَاءَ إمَّا لِأَنَّ طَبْخَهُ لَمْ يَكُنْ تَامًّا؛ فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا صِفَةَ طَبْخِهِ أَنَّهُ يَغْلِي عَلَيْهِ أَوَّلًا حَتَّى يَذْهَبَ وَسَخُهُ ثُمَّ يَغْلِي عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ فَإِذَا ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَالْوَسَخُ فِيهِ كَانَ الذَّاهِبُ مِنْهُ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثَيْنِ؛ لِأَنَّ الْوَسَخَ يَكُونُ حِينَئِذٍ مِنْ غَيْرِ الذَّاهِبِ. وَإِمَّا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ قَدْ يُضَافُ إلَى الْمَطْبُوخِ مِنْ الْأَفَاوِيهِ وَغَيْرِهَا