للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَا يُقَوِّيهِ وَيَشُدُّهُ حَتَّى يَصِيرَ مُسْكِرًا فَيَصِيرُ بِذَلِكَ مِنْ بَابِ الْخَلِيطَيْنِ وَقَدْ اسْتَفَاضَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ {نَهَى عَنْ الْخَلِيطَيْنِ} لِتَقْوِيَةِ أَحَدِهِمَا صَاحِبَهُ كَمَا نَهَى عَنْ خَلِيطِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَعَنْ الرُّطَبِ وَالتَّمْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَلِلْعُلَمَاءِ نِزَاعٌ فِي " الْخَلِيطَيْنِ " إذَا لَمْ يُسْكِرْ كَمَا تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي نَبِيذِ الْأَوْعِيَةِ الَّتِي لَا يَشْتَدُّ مَا فِيهَا بِالْغَلَيَانِ وَكَمَا تَنَازَعُوا فِي الْعَصِيرِ وَالنَّبِيذِ بَعْدَ ثَلَاثٍ. وَأَمَّا إذَا صَارَ الْخَلِيطَانِ مِنْ الْمُسْكِرِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ بِاتِّفَاقِ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ. فَاَلَّذِي أَبَاحَهُ عُمَرُ مِنْ الْمَطْبُوخِ كَانَ صِرْفًا فَإِذَا خَلَطَهُ بِمَا قَوَّاهُ وَذَهَبَ ثُلُثَاهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَا أَبَاحَهُ عُمَرُ. وَرُبَّمَا يَكُونُ لِبَعْضِ الْبِلَادِ طَبِيعَةٌ يُسْكِرُ فِيهَا مَا ذَهَبَ ثُلُثَاهُ فَيَحْرُمُ إذَا أَسْكَرَ؛ فَإِنَّ مَنَاطَ التَّحْرِيمِ هُوَ السُّكْرُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ. وَمَنْ قَالَ. إنَّ عُمَرَ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ أَبَاحَ مُسْكِرًا فَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهِمْ.

وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:

عَمَّنْ قَالَ: إنَّ خَمْرَ الْعِنَبِ وَالْحَشِيشَةِ يَجُوزُ بَعْضُهُ إذَا لَمْ يُسْكِرْ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ: فَهَلْ هُوَ صَادِقٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؟ أَمْ كَاذِبٌ فِي نَقْلِهِ؟ وَمَنْ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ: هَلْ يَكْفُرُ أَمْ لَا؟ وَذَكَرَ أَنَّ قَلِيلَ الْمَزْرِ يَجُوزُ شُرْبُهُ فَهَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ خَمْرِ الْعِنَبِ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ؟ أَمْ لَهُ حُكْمٌ آخَرُ كَمَا ادَّعَاهُ هَذَا الرَّجُلُ؟