للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَأَجَابَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، نَعَمْ يَجِبُ عَلَى آكِلِهَا حَدُّ شَارِبِ الْخَمْرِ. وَهَؤُلَاءِ الْقَوْمُ ضُلَّالٌ جُهَّالٌ عُصَاةٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَكَفَى بِرَجُلِ جَهْلًا أَنْ يَعْرِفَ بِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ مُحَرَّمٌ وَأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ثُمَّ يَقُولُ: إنَّهُ تَطِيبُ لَهُ الْعِبَادَةُ وَتَصْلُحُ لَهُ حَالُهُ وَيْحُ هَذَا الْقَائِلِ أَيَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ عَلَى الْخَلْقِ مَا يَنْفَعُهُمْ وَيُصْلِحُ لَهُمْ حَالَهُمْ نَعَمْ قَدْ يَكُونُ فِي الشَّيْءِ مَنْفَعَةٌ وَفِيهِ مَضَرَّةٌ أَكْثَرُ مِنْ مَنْفَعَتِهِ فَيُحَرِّمُهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لِأَنَّ الْمَضَرَّةَ إذَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ بَقِيَتْ الزِّيَادَةُ مَضَرَّةً مَحْضَةً وَصَارَ هَذَا الرَّجُلُ كَأَنَّهُ قَالَ لِرَجُلِ: خُذْ مِنِّي هَذَا الدِّرْهَمَ وَاعْطِنِي دِينَارًا فَجَهْلُهُ يَقُولُ لَهُ: هُوَ يُعْطِيك دِرْهَمًا فَخُذْهُ وَالْعَقْلُ يَقُولُ: إنَّمَا يَحْصُلُ الدِّرْهَمُ بِفَوَاتِ الدِّينَارِ وَهَذَا ضَرَرٌ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ؛ بَلْ جَمِيعُ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ إنْ ثَبَتَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ مَا فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ضَرَرُهُ أَكْثَرَ. فَهَذِهِ " الْحَشِيشَةُ الْمَلْعُونَةُ " هِيَ وَآكِلُوهَا وَمُسْتَحِلُّوهَا الْمُوجِبَةُ لِسُخْطِ اللَّهِ وَسُخْطِ رَسُولِهِ وَسُخْطِ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُعَرِّضَةُ صَاحِبَهَا لِعُقُوبَةِ اللَّهِ؛ إذَا كَانَتْ كَمَا يَقُولُهُ الضَّالُّونَ: مِنْ أَنَّهَا تَجْمَعُ الْهِمَّةَ: وَتَدْعُو إلَى الْعِبَادَةِ فَإِنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى ضَرَرٍ فِي دِينِ الْمَرْءِ وَعَقْلِهِ وَخُلُقِهِ وَطَبْعِهِ أَضْعَافَ مَا فِيهَا مِنْ خَيْرٍ؛ وَلَا خَيْرَ فِيهَا؛ وَلَكِنْ هِيَ تُحَلِّلُ الرُّطُوبَاتِ؛ فَتَتَصَاعَدُ الْأَبْخِرَةُ إلَى الدِّمَاغِ؛ وَتُورِثُ خَيَالَاتٍ فَاسِدَةً فَيَهُونُ عَلَى الْمَرْءِ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ عِبَادَةٍ؛ وَيَشْغَلُهُ بِتِلْكَ التَّخَيُّلَاتِ عَنْ إضْرَارِ النَّاسِ. وَهَذِهِ رِشْوَةُ الشَّيْطَانِ يَرْشُو بِهَا الْمُبْطِلِينَ لِيُطِيعُوهُ