للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِبَعْضِ الْأَنْصَارِ طَعَامًا وَدِرْعَيْنِ فَجَاءَ صَاحِبُ الْمَالِ يَشْتَكِي إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ قَوْمٌ يُزَكُّونَ الْمُتَّهَمِينَ بِالْبَاطِلِ؛ فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَنَّ صِدْقَ الْمُزَكِّينَ فَلَامَ صَاحِبُ الْمَالِ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ " وَلَمْ يَقُلْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَاحِبِ الْمَالِ: أَقِمْ الْبَيِّنَةَ؛ وَلَا حَلِّفْ الْمُتَّهَمِينَ؛ لِأَنَّ أُولَئِكَ الْمُتَّهَمِينَ كَانُوا مَعْرُوفِينَ بِالشَّرِّ وَظَهَرَتْ الرِّيبَةُ عَلَيْهِمْ. وَهَكَذَا حَكَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقَسَامَةِ فِي الدِّمَاءِ إذَا كَانَ هُنَاكَ لَوْثٌ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُ الْمُدَّعِينَ؛ فَإِنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ مِنْ الْحُدُودِ فِي الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ؛ لَيْسَتْ مِنْ الْحُقُوقِ الْخَاصَّةِ فَلَوْلَا الْقَسَامَةُ فِي الدِّمَاءِ لَأَفْضَى إلَى سَفْكِ الدِّمَاءِ فَيَقْتُلُ الرَّجُلُ عَدُوَّهُ خُفْيَةً وَلَا يُمْكِنُ أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ؛ وَالْيَمِينُ عَلَى الْقَاتِلِ وَالسَّارِقِ وَالْقَاطِعِ سَهْلَةٌ فَإِنَّ مَنْ يَسْتَحِلُّ هَذِهِ الْأُمُورِ لَا يَكْتَرِثُ بِالْيَمِينِ. وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ؛ وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ} هَذَا فِيمَا لَا يُمْكِنُ مِنْ الْمُدَّعِي حُجَّةٌ غَيْرَ الدَّعْوَى فَإِنَّهُ لَا يُعْطَى بِهَا شَيْئًا وَلَكِنْ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. فَأَمَّا إذَا أَقَامَ شَاهِدًا بِالْمَالِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حَكَمَ فِي الْمَالِ بِشَاهِدِ وَيَمِينٍ وَهُوَ قَوْلُ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ كَمَالِكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمْ وَإِذَا كَانَ فِي دَعْوَى الدَّمِ لَوْثٌ فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُدَّعِينَ: {أَتَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ؟}