للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْتَعْمِلُ مَنْ فِيهِ فَجُوِّرَ؛ لِرُجْحَانِ الْمَصْلَحَةِ فِي عَمَلِهِ؛ ثُمَّ يُزِيلُ فُجُورَهُ بِقُوَّتِهِ وَعَدْلِهِ. وَيَكُونُ تَرْكُ النَّهْيِ عَنْهَا حِينَئِذٍ: مِثْلَ تَرْكِ الْإِنْكَارِ بِالْيَدِ أَوْ بِالسِّلَاحِ إذَا كَانَ فِيهِ مَفْسَدَةٌ رَاجِحَةٌ عَلَى مَفْسَدَةِ الْمُنْكَرِ. فَإِذَا كَانَ النَّهْيُ مُسْتَلْزِمًا فِي الْقَضِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ لِتَرْكِ الْمَعْرُوفِ الرَّاجِحِ: كَانَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَلْزِمًا لِفِعْلِ الْمُنْكَرِ الرَّاجِحِ كَمَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَنْ لَا يُصَلِّيَ إلَّا صَلَاتَيْنِ كَمَا هُوَ مَأْثُورٌ عَنْ بَعْضِ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَسْلَمَ بَعْضُ الْمُلُوكِ الْمُسَلَّطِينَ وَهُوَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ أَوْ يَفْعَلُ بَعْضَ الْمُحَرَّمَاتِ وَلَوْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ. فَفَرْقٌ بَيْنَ تَرْكِ الْعَالِمِ أَوْ الْأَمِيرِ لِنَهْيِ بَعْضِ النَّاسِ عَنْ الشَّيْءِ إذَا كَانَ فِي النَّهْيِ مَفْسَدَةٌ رَاجِحَةٌ وَبَيْنَ إذْنِهِ فِي فِعْلِهِ. وَهَذَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ. فَفِي حَالٍ أُخْرَى يَجِبُ إظْهَارُ النَّهْيِ: إمَّا لِبَيَانِ التَّحْرِيمِ وَاعْتِقَادِهِ وَالْخَوْفِ مِنْ فِعْلِهِ. أَوْ لِرَجَاءِ التَّرْكِ. أَوْ لِإِقَامَةِ الْحُجَّةِ بِحَسَبِ الْأَحْوَالِ؛ وَلِهَذَا تَنَوَّعَ حَالُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَجِهَادِهِ وَعَفْوِهِ؛ وَإِقَامَتِهِ الْحُدُودَ وَغِلْظَتِهِ وَرَحْمَتِهِ.