للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلِهَذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي مَوَاضِعَ مِنْ الْقُرْآنِ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} . وَالصَّلَاةُ أَوَّلُ أَعْمَالِ الْإِسْلَامِ؛ وَأَصْلُ أَعْمَالِ الْإِيمَانِ؛ وَلِهَذَا سَمَّاهَا إيمَانًا فِي قَوْلِهِ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إيمَانَكُمْ} أَيْ صَلَاتَكُمْ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ. هَكَذَا نُقِلَ عَنْ السَّلَفِ وَقَالَ تَعَالَى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ} وَقَالَ: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةً عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةً عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} فَوَصَفَهُمْ بِالْمَحَبَّةِ الَّتِي هِيَ حَقِيقَةُ الصَّلَاةِ كَمَا قَالَ: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} فَوَصَفَهُمْ بِالشِّدَّةِ عَلَى الْكُفَّارِ وَالضَّلَالِ. وَفِي الصَّحِيحِ {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: إيمَانٌ بِاَللَّهِ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ فَقِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ حَجٌّ مَبْرُورٌ} مَعَ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ {لَمَّا سَأَلَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ الصَّلَاةُ فِي وَقْتِهَا قَالَ ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: بِرُّ الْوَالِدَيْنِ قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} فَإِنَّ قَوْلَهُ " إيمَانٌ بِاَللَّهِ " دَخَلَ فِيهِ الصَّلَاةُ؛ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْأَوَّلِ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ؛ إذْ لَيْسَ لِكُلِّ أَحَدٍ وَالِدَانِ. فَالْأَوَّلُ مُطْلَقٌ وَالثَّانِي مُقَيَّدٌ بِمَنْ لَهُ وَالِدَانِ.