للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، بِخِلَافِ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ، وَبِخِلَافِ الْمُرْجِئَةِ وَالْجَهْمِيَّة؛ فَإِنَّ أُولَئِكَ يَمِيلُونَ إلَى جَانِبٍ، وَهَؤُلَاءِ إلَى جَانِبٍ. وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَسَطٌ. وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: تُشْرَعُ تِلْكَ الْمُؤَاخَاةُ وَالْمُحَالَفَةُ، وَهُوَ يُنَاسِبُ مَنْ يَقُولُ بِالتَّوَارُثِ بِالْمُحَالَفَةِ. لَكِنْ لَا نِزَاعَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي أَنَّ وَلَدَ أَحَدِهِمَا لَا يَصِيرُ وَلَدَ الْآخَرِ بِإِرْثِهِ مَعَ أَوْلَادِهِ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ نَسَخَ التَّبَنِّي الَّذِي كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ حَيْثُ كَانَ يَتَبَنَّى الرَّجُلُ وَلَدَ غَيْرِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ} وَقَالَ تَعَالَى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} . وَكَذَلِكَ لَا يَصِيرُ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَالًا لِلْآخِرِ يُورَثُ عَنْهُ مَالُهُ؛ فَإِنَّ هَذَا مُمْتَنِعٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ؛ وَلَكِنْ إذَا طَابَتْ نَفْسُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ الْآخَرُ مِنْ مَالِهِ فَهَذَا جَائِزٌ، كَمَا كَانَ السَّلَفُ يَفْعَلُونَ، وَكَانَ أَحَدُهُمَا يَدْخُلُ بَيْتَ الْآخَرِ وَيَأْكُلُ مِنْ طَعَامِهِ مَعَ غَيْبَتِهِ؛ لِعِلْمِهِ بِطِيبِ نَفْسِهِ بِذَلِكَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَوْ صَدِيقِكُمْ} . وَأَمَّا شُرْبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَمَ الْآخَرِ. فَهَذَا لَا يَجُوزُ بِحَالِ، وَأَقَلُّ مَا فِي ذَلِكَ مَعَ النَّجَاسَةِ التَّشْبِيهُ بِاَللَّذَيْنِ يَتَآخَيَانِ مُتَعَاوَنِينَ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ،