للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَيْضًا فَإِنَّ فِيهَا أَنَّهُ قَالَ لِإِبْرَاهِيمَ: اذْبَحْ ابْنَك وَحِيدَك. وَفِي تَرْجَمَةٍ أُخْرَى: بِكْرَك. وَإِسْمَاعِيلُ هُوَ الَّذِي كَانَ وَحِيدَهُ وَبِكْرَهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ لَكِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ حَرَّفُوا فَزَادُوا إسْحَاقَ فَتَلَقَّى ذَلِكَ عَنْهُمْ مَنْ تَلَقَّاهُ وَشَاعَ عِنْدَ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ إسْحَاقُ وَأَصْلُهُ مِنْ تَحْرِيفِ أَهْلِ الْكِتَابِ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إسْمَاعِيلُ قِصَّةُ الذَّبِيحِ الْمَذْكُورَةِ فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ. قَالَ تَعَالَى: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} وَقَدْ انْطَوَتْ الْبِشَارَةُ عَلَى ثَلَاثٍ. عَلَى أَنَّ الْوَلَدَ غُلَامٌ ذَكَرٌ وَأَنَّهُ يَبْلُغُ الْحُلُمَ وَأَنَّهُ يَكُونُ حَلِيمًا. وَأَيُّ حِلْمٍ أَعْظَمُ مِنْ حِلْمِهِ حِينَ عَرَضَ عَلَيْهِ أَبُوهُ الذَّبْحَ فَقَالَ: {سَتَجِدُنِي إنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} ؟ وَقِيلَ: لَمْ يَنْعَتْ اللَّهُ الْأَنْبِيَاءَ بِأَقَلَّ مِنْ الْحِلْمِ وَذَلِكَ لِعِزَّةِ وُجُودِهِ وَلَقَدْ نَعَتَ إبْرَاهِيمَ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {إنَّ إبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} {إنَّ إبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} لِأَنَّ الْحَادِثَةَ شَهِدَتْ بِحِلْمِهِمَا: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} - إلَى قَوْلِهِ - {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ} {سَلَامٌ عَلَى إبْرَاهِيمَ} {كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} {إنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} {وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ} . فَهَذِهِ الْقِصَّةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إسْمَاعِيلُ مِنْ وُجُوهٍ: - (أَحَدُهَا: أَنَّهُ بَشَّرَهُ بِالذَّبِيحِ وَذَكَرَ قِصَّتَهُ أَوَّلًا فَلَمَّا اسْتَوْفَى ذَلِكَ قَالَ: