للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} فَبَيَّنَ أَنَّ الْإِيمَانَ وَالتَّقْوَى هُمَا خَيْرٌ لَهُمَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ قَالَ تَعَالَى: {أَلَا إنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} الْآيَةُ وَقَالَ فِي قِصَّةِ يُوسُفَ: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} {وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} فَأَخْبَرَ أَنَّ أَجْرَ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِينَ الْمُتَّقِينَ مِمَّا يُعْطَوْنَ فِي الدُّنْيَا مِنْ الْمُلْكِ وَالْمَالِ كَمَا أُعْطِيَ يُوسُفُ. وَقَدْ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ بِسُوءِ عَاقِبَةِ مَنْ تَرَكَ الْإِيمَانَ وَالتَّقْوَى فِي غَيْرِ آيَةٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} وَالْمُفْلِحُ الَّذِي يَنَالُ الْمَطْلُوبَ وَيَنْجُو مِنْ الْمَرْهُوبِ. فَالسَّاحِرُ لَا يَحْصُلُ لَهُ ذَلِكَ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " {مَنْ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنْ النُّجُومِ فَقَدْ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنْ السِّحْرِ} " و " السِّحْرُ " مُحَرَّمٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ: وَذَلِكَ أَنَّ النُّجُومَ الَّتِي مِنْ السِّحْرِ نَوْعَانِ " أَحَدُهُمَا " عِلْمِيٌّ وَهُوَ الِاسْتِدْلَالُ بِحَرَكَاتِ النُّجُومِ عَلَى الْحَوَادِثِ؛ مِنْ جِنْسِ الِاسْتِقْسَامِ بِالْأَزْلَامِ. " الثَّانِي " عَمَلِيٌّ وَهُوَ الَّذِي يَقُولُونَ إنَّهُ الْقُوَى السَّمَاوِيَّةُ بِالْقُوَى الْمُنْفَعِلَةِ الْأَرْضِيَّةِ: كَطَلَاسِمَ وَنَحْوِهَا وَهَذَا مِنْ أَرْفَعِ أَنْوَاعِ السِّحْرِ. وَكُلُّ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَضَرَرُهُ أَعْظَمُ مِنْ نَفْعِهِ