للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْقَمَر فِي الْعَقْرَبِ هَزَمَ أَصْحَابك - أَوْ كَمَا قَالَ - فَقَالَ عَلَيَّ: بَلْ أُسَافِرُ ثِقَةً بِاَللَّهِ وَتَوَكُّلًا عَلَى اللَّهِ وَتَكْذِيبًا لَك؛ فَسَافَرَ فَبُورِكَ لَهُ فِي ذَلِكَ السَّفَرِ حَتَّى قَتْل عَامَّة الْخَوَارِج وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ مَا سِرٌّ بِهِ؛ حَيْثُ كَانَ قِتَاله لَهُمْ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَمَّا مَا يُذَكِّرُهُ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا تُسَافِرُ وَالْقَمَر فِي الْعَقْرَبِ " فَكَذِب مُخْتَلَق بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْحَدِيثِ. وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّهَا صَنْعَة إدْرِيس. فَيُقَالُ " أَوَّلًا " هَذَا قَوْل بِلَا عِلْم؛ فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَعْلَمُ إلَّا بِالنَّقْلِ الصَّحِيحِ؛ وَلَا سَبِيلَ لِهَذَا الْقَائِلِ إلَى ذَلِكَ؛ وَلَكِنْ فِي كُتُبٍ هَؤُلَاءِ " هَرْمَسَ الْهَرَامِسَة " وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ هُوَ إدْرِيس. " والهرمس " عِنْدَهُمْ اسْم جِنْس؛ وَلِهَذَا يَقُولُونَ: " هَرْمَسَ الْهَرَامِسَة " وَهَذَا الْقَدْر الَّذِي يُذَكِّرُونَهُ عَنْ هرمسهم يُعْلَمُ الْمُؤْمِن قَطْعًا أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ مَأْخُوذًا عَنْ نَبِيٍّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى وَجْهِهِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الْكَذِبِ وَالْبَاطِل. وَيُقَالُ " ثَانِيًا ": هَذَا إنْ كَانَ أَصْله مَأْخُوذًا عَنْ إدْرِيس فَإِنَّهُ كَانَ مُعْجِزَة لَهُ وَعِلْمًا أَعْطَاهُ اللَّهُ إيَّاهُ فَيَكُونُ مِنْ الْعُلُومِ النَّبَوِيَّةِ. وَهَؤُلَاءِ إنَّمَا يَحْتَجُّونَ بِالتَّجْرِبَةِ وَالْقِيَاسِ؛ لَا بِأَخْبَارِ الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام.