للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَأَجَابَ:

لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ وَلَوْ كَانَ عَدْلًا؛ وَلَيْسَ هَذَا الْكَلَامُ بِمُجَرَّدِهِ مِنْ بَابِ السَّبِّ الَّذِي يُقْتَلُ صَاحِبُهُ بَلْ يُسْتَفْسَرُ عَنْ قَوْلِهِ مِنْ شَرَفِهِ. فَإِنْ ثَبَتَ بِتَفْسِيرِهِ أَوْ بِقَرَائِنَ حَالِيَّةٍ أَوْ لَفْظِيَّةٍ أَنَّهُ أَرَادَ لَعْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَبَ قَتْلُهُ. وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ أَوْ ثَبَتَ بِقَرَائِنَ حَالِيَّةٍ أَوْ لَفْظِيَّةٍ أَنَّهُ أَرَادَ غَيْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ أَنْ يُرِيدَ لَعْنَ مَنْ يُعَظِّمُهُ أَوْ يُبَجِّلُهُ أَوْ لَعْنَ مَنْ يَعْتَقِدُهُ شَرِيفًا: لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُوجِبًا لِلْقَتْلِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ؛ لَا يُظَنُّ بِاَلَّذِي لَيْسَ بِزِنْدِيقِ أَنَّهُ يَقْصِدُ لَعْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَمَنْ عَرَفَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ لَيْسَ بِزِنْدِيقِ كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلَا يَجِبُ قَتْلُ مُسْلِمٍ بِسَبِّ أَحَدٍ مِنْ الْأَشْرَافِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ إنَّمَا يُقْتَلُ مَنْ سَبَّ الْأَنْبِيَاءَ. وَفِيمَنْ سَبَّ الصَّحَابَةَ تَفْصِيلٌ وَنِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ. وَلَكِنْ مَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ أَنَّهُ اعْتَدَى بِقَوْلِهِ أَوْ فِعْلِهِ عَلَى شَرِيفٍ أَوْ غَيْرِهِ عُوقِبَ عَلَى عُدْوَانِهِ: إمَّا بِالْقِصَاصِ بِمَا يَكُونُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ وَإِمَّا التَّعْزِيزُ بِمَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْعُدْوَانِ وَإِمَّا بِحَدِّ الْقَذْفِ إنْ كَانَ الْعُدْوَانُ قَذْفًا يُوجِبُ الْحَدَّ. وَتَجِبُ عُقُوبَةُ الْمُعْتَدِينَ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ شَرِيفًا فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " {إنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَاَلَّذِي