للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَأَمَّا " الْحَلِفُ بِالْمَخْلُوقَاتِ " كَالْحَلِفِ بِالْكَعْبَةِ أَوْ قَبْرِ الشَّيْخِ أَوْ بِنِعْمَةِ السُّلْطَانِ أَوْ بِالسَّيْفِ أَوْ بِجَاهِ أَحَدٍ مِنْ الْمَخْلُوقِينَ: فَمَا أَعْلَمُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ خِلَافًا أَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ مَكْرُوهَةٌ مَنْهِيٌّ عَنْهَا وَأَنَّ الْحَلِفَ بِهَا لَا يُوجِبُ حِنْثًا وَلَا كَفَّارَةً. وَهَلْ الْحَلِفُ بِهَا مُحَرَّمٌ أَوْ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ؟ فِيهِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ: أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ مُحَرَّمٌ. وَلِهَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا كَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَغَيْرِهِ: إنَّهُ إذَا قَالَ: أَيْمَانُ الْمُسْلِمِينَ تَلْزَمُنِي إنْ فَعَلْت كَذَا لَزِمَهُ مَا يَفْعَلُهُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَالنَّذْرِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ وَالظِّهَارِ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْحَرَامَ؛ لِأَنَّ يَمِينَ الْحَرَامِ ظِهَارٌ عِنْدَ أَحْمَد وَأَصْحَابِهِ فَلَمَّا كَانَ مُوجَبُهَا وَاحِدًا عِنْدَهُمْ دَخَلَ الْحَرَامُ فِي الظِّهَارِ؛ وَلَمْ يَدْخُلْ النَّذْرُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَإِنْ جَازَ أَنْ يُكَفِّرَ يَمِينَهُ بِالنَّذْرِ؛ لِأَنَّ مُوجَبَ الْحَلِفِ بِالنَّذْرِ الْمُسَمَّى " بِنَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ " عِنْدَ الْحِنْثِ هُوَ التَّخْيِيرُ بَيْنَ التَّكْفِيرِ وَبَيْنَ فِعْلِ الْمَنْذُورِ وَمُوجَبِ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ هُوَ التَّكْفِيرُ فَقَطْ. فَلَمَّا اخْتَلَفَ مُوجَبُهُمَا جَعَلُوهُمَا يَمِينَيْنِ. نَعَمْ إذَا قَالُوا بِالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنْ أَحْمَد وَهُوَ أَنَّ الْحَلِفَ بِالنَّذْرِ مُوجَبُهُ الْكَفَّارَةُ فَقَطْ دَخَلَتْ الْيَمِينُ بِالنَّذْرِ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى. أَمَّا اخْتِلَافُهُمْ وَاخْتِلَافُ غَيْرِهِمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ. هَلْ تَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ؟ أَوْ لَا تَنْعَقِدُ؟ فَسَأَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنَّمَا غَرَضِي هُنَا حَصْرُ الْأَيْمَانِ الَّتِي يَحْلِفُ بِهَا الْمُسْلِمُونَ. وَأَمَّا أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ فَقَالُوا: أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهَا الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ الثَّقَفِيُّ وَكَانَتْ السُّنَّةُ أَنَّ النَّاسَ يُبَايِعُونَ الْخُلَفَاءَ كَمَا بَايَعَ الصَّحَابَةُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ