للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَمَا هُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ الَّتِي اخْتَارَهَا أَكْثَرُ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِهِ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّتِي اخْتَارَهَا كَثِيرٌ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْمَالِكِيَّةِ؛ فَإِنَّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْحَلِفِ بِالنَّذْرِ وَالْحَلِفِ بِالْعِتْقِ هُوَ الْمُتَوَجِّهُ؛ وَلِهَذَا كَانَ هَذَا مِنْ أَقْوَى حُجَجِ الْقَائِلِينَ بِوُجُوبِ الْوَفَاءِ فِي الْحَلِفِ بِالنَّذْرِ؛ فَإِنَّهُمْ قَاسُوهُ عَلَى الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ وَاعْتَقَدَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ مُجْمَعًا عَلَيْهِ. وَأَيْضًا فَإِذَا حَلَفَ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ كَقَوْلِهِ عَبِيدِي أَحْرَارٌ لَأَفْعَلَنَّ أَوْ نِسَائِي طَوَالِقُ لَأَفْعَلَنَّ: فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: مَالِي صَدَقَةٌ لَأَفْعَلَنَّ وَعَلَيَّ الْحَجُّ لَأَفْعَلَنَّ. وَاَلَّذِي يُوضِحُ التَّسْوِيَةَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ إنَّمَا اعْتَمَدَ فِي الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ عَلَى فِدْيَةِ الْخُلْعِ قَالَهُ فِي البويطي وَهُوَ " كِتَابٌ مِصْرِيٌّ " مِنْ أَجْوَدِ كَلَامِهِ وَذَلِكَ أَنَّ الْفُقَهَاءَ يُسَمُّونَ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ بِسَبَبِ طَلَاقًا بِصِفَةِ وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ الشَّرْطَ صِفَةً. وَيَقُولُونَ: إذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ فِي زَمَانِ الْبَيْنُونَةِ وَإِذَا لَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَهَذِهِ التَّسْمِيَةُ لَهَا وَجْهَانِ. " أَحَدُهُمَا " أَنَّ هَذَا الطَّلَاقَ مَوْصُوفٌ بِصِفَةِ؛ لَيْسَ طَلَاقًا مُجَرَّدًا عَنْ صِفَةٍ؛ فَإِنَّهُ إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ أَوْ إذَا طَهُرْت. فَقَدْ وَصَفَ الطَّلَاقَ بِالزَّمَانِ الْخَاصِّ؛ فَإِنَّ الظَّرْفَ صِفَةٌ لِلْمَظْرُوفِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ. فَقَدْ وَصَفَهُ بِعِوَضِهِ.