للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَوْمٌ قَالُوا [لَا] (١) يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الطَّلَاقُ وَالْعِتَاقُ؛ لَا إيقَاعُهُمَا وَلَا الْحَلِفُ بِهِمَا بِصِيغَةِ الْجَزَاءِ وَلَا بِصِيغَةِ الْقَسَمِ وَهَذَا أَشْهَرُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد. و " الْقَوْلُ الثَّالِثُ " أَنَّ إيقَاعَ الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ لَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ؛ بَلْ يَدْخُلُ فِيهِ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ أَحْمَد. وَمِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ قَالَ: إنْ كَانَ الْحَلِفُ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ دَخَلَ فِي الْحَدِيثِ وَنَفَعَتْهُ الْمَشِيئَةُ رِوَايَةً وَاحِدَةً؛ وَإِنْ كَانَ بِصِيغَةِ الْجَزَاءِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ و " هَذَا الْقَوْلُ الثَّالِثُ " هُوَ الصَّوَابُ الْمَأْثُورُ مَعْنَاهُ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجُمْهُورِ التَّابِعِينَ: كَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ؛ لَمْ يَجْعَلُوا فِي الطَّلَاقِ اسْتِثْنَاءً وَلَمْ يَجْعَلُوهُ مِنْ الْأَيْمَانِ؛ ثُمَّ قَدْ ذَكَرْنَا عَنْ الصَّحَابَةِ وَجُمْهُورِ التَّابِعِينَ أَنَّهُمْ جَعَلُوا الْحَلِفَ بِالصَّدَقَةِ وَالْهَدْيِ وَالْعِتَاقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ يَمِينًا مُكَفَّرَةً وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ أَحْمَد فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ: الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ لَيْسَا مِنْ الْأَيْمَانِ قَالَ أَيْضًا: الثُّنْيَا فِي الطَّلَاقِ لَا أَقُولُ بِهِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعِتَاقَ حَرْفَانِ وَاقِعَانِ. وَقَالَ أَيْضًا: إنَّمَا يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ فِيمَا يَكُونُ فِيهِ كَفَّارَةٌ وَالطَّلَاقُ وَالْعِتَاقُ لَا يُكَفَّرَانِ. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ظَاهِرٌ وَذَلِكَ أَنَّ إيقَاعَ الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ لَيْسَا يَمِينًا أَصْلًا وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْ الدَّيْنِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ: " وَاَللَّهِ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ ثُمَّ إنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ أَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَوْ أَبْرَأَ


(١) قال الشيخ ناصر بن حمد الفهد (ص ٢٢٨ - هامش):
في الفتاوى: يدخل، وهو خلاف السياق، كما هو ظاهر