للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" الْحِيلَةُ الرَّابِعَةُ " الشَّرْعِيَّةُ فِي إفْسَادِ الْمَحْلُوفِ بِهِ أَيْضًا؛ لَكِنْ لِوُجُودِ مَانِعٍ؛ لَا لِفَوَاتِ شَرْطٍ؛ فَإِنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ بْنَ سُرَيْجٍ وَطَائِفَةً بَعْدَهُ اعْتَقَدُوا أَنَّهُ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إذَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي وَإِذَا طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلُ ثَلَاثًا فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ طَلَاقٌ أَبَدًا؛ لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ الْمُنَجَّزُ لَزِمَ وُقُوعُ الْمُعَلَّقِ وَإِذَا وَقَعَ الْمُعَلَّقُ امْتَنَعَ وُقُوعُ الْمُنَجَّزِ فَيُفْضِي وُقُوعُهُ إلَى عَدَمِ وُقُوعِهِ فَلَا يَقَعُ وَأَمَّا عَامَّةُ فُقَهَاءِ الْإِسْلَامِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ فَأَنْكَرُوا ذَلِكَ؛ بَلْ رَأَوْهُ مِنْ الزَّلَّاتِ الَّتِي يُعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ كَوْنُهَا لَيْسَتْ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ؛ حَيْثُ قَدْ عُلِمَ بِالضَّرُورَةِ مِنْ دِينِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الطَّلَاقَ أَمْرٌ مَشْرُوعٌ فِي كُلِّ نِكَاحٍ وَأَنَّهُ مَا مِنْ نِكَاحٍ إلَّا وَيُمْكِنُ فِيهِ الطَّلَاقُ: وَسَبَبُ الْغَلَطِ أَنَّهُمْ اعْتَقَدُوا صِحَّةَ هَذَا الْكَلَامِ فَقَالُوا: إذَا وَقَعَ الْمُنَجَّزُ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ. وَهَذَا الْكَلَامُ لَيْسَ بِصَحِيحِ فَإِنَّهُ مُسْتَلْزِمٌ وُقُوعَ طَلْقَةٍ مَسْبُوقَةٍ بِثَلَاثِ وَوُقُوعَ طَلْقَةٍ مَسْبُوقَةٍ بِثَلَاثِ مُمْتَنِعٌ فِي الشَّرِيعَةِ. فَالْكَلَامُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى ذَلِكَ بَاطِلٌ؛ وَإِذَا كَانَ بَاطِلًا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ وُقُوعُ الْمُعَلَّقِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ إذَا كَانَ التَّعْلِيقُ صَحِيحًا. ثُمَّ اخْتَلَفُوا هَلْ يَقَعُ مِنْ الْمُعَلَّقِ تَمَامُ الثَّلَاثِ؟ أَمْ يَبْطُلُ التَّعْلِيقُ وَلَا يَقَعُ إلَّا الْمُنَجَّزُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا. وَمَا أَدْرِي هَلْ اسْتَحْدَثَ ابْنُ سُرَيْجٍ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِلِاحْتِيَالِ عَلَى رَفْعِ الطَّلَاقِ؟ أَمْ قَالَهُ طَرْدًا لِقِيَاسِ اعْتَقَدَ صِحَّتَهُ وَاحْتَالَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ؟ لَكِنِّي رَأَيْت