للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْمُجْمَعِ عَلَى إمَامَتِهِ وَفِقْهِهِ وَدِينِهِ وَأُخْتِهِ حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَزَيْنَبَ رَبِيبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ مِنْ أَمْثَلِ فَقِيهَاتِ الصَّحَابَةِ الْإِفْتَاءَ بِالْكَفَّارَةِ فِي الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ أَوْلَى مِنْهُ. وَذَكَرْنَا عَنْ طاوس وَهُوَ مِنْ أَفَاضِلِ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ عِلْمًا وَفِقْهًا وَدِينًا: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَى الْيَمِينَ بِالطَّلَاقِ مُوقِعَةً لَهُ.

فَإِذَا كَانَ لُزُومُ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ بِهِ مُقْتَضِيًا لِهَذِهِ الْمَفَاسِدِ وَحَالُهُ فِي الشَّرِيعَةِ هَذِهِ الْحَالُ: كَانَ هَذَا دَلِيلًا عَلَى أَنَّ مَا أَفْضَى إلَى هَذَا الْفَسَادِ لَمْ يَشْرَعْهُ اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ فِي ضَمَانِ الْحَدَائِقِ مَنْ يَزْدَرِعُهَا وَيَسْتَثْمِرُهَا وَيَبِيعُ الْخُضَرَ وَنَحْوَهَا.

وَذَلِكَ أَنَّ الْحَالِفَ بِالطَّلَاقِ إذَا حَلَفَ لَيَقْطَعَنَّ رَحِمَهُ وَلَيَعُقَّنَّ أَبَاهُ وَلَيَقْتُلَنَّ عَدُوَّهُ الْمُسْلِمَ الْمَعْصُومَ وَلَيَأْتِيَنَّ الْفَاحِشَةَ وَلَيَشْرَبَنَّ الْخَمْرَ وَلَيُفَرِّقَنَّ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ كَبَائِرِ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشِ فَهُوَ بَيْنَ " ثَلَاثَةِ أُمُورٍ " إمَّا أَنْ يَفْعَلَ هَذَا الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ: فَهَذَا لَا يَقُولُهُ مُسْلِمٌ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مَعَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ بَلْ وَالْمُفْتِينَ إذَا رَأَوْهُ قَدْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ كَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِتَخْفِيفِ الْأَمْرِ عَلَيْهِ وَإِقَامَةِ عُذْرِهِ.