للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَنْ قَالَ: هَذَا يَقْدَحُ فِي إرَادَتِهِ. وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ إنَّهُ إذَا نَوَى عَوْدَ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى طَلَبِهِ وَإِرَادَتِهِ نَفَعَهُ فِي الْكَفَّارَةِ أَوْ لَا تَرْتَفِعُ إلَّا بِهَذَا الشَّرْطِ. وَعَلَى خَاطِرِي هُنَا قَوْلٌ لَا أَسْتَثْبِتُهُ. " الثَّالِثُ " أَنْ لَا يَكُونَ غَرَضُهُ تَعْلِيقَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ جَازِمٌ بِإِرَادَتِهِ وَجَازِمٌ بِأَنَّهُ سَيَكُونُ كَمَا لَوْ كَانَ خَبَرًا مَحْضًا مِثْلُ قَوْلِهِ: لَيَنْزِلَنَّ ابْنُ مَرْيَمَ وَلَيَخْرُجَنَّ الدَّجَّالُ وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ. وَهَذِهِ أَيْمَانٌ أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ بِنَوْعِ مِنْهَا كَقَوْلِهِ: {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إي وَرَبِّي} فَهَذَا مَاضٍ وَحَاضِرٌ وَقَالَ: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} وَقَالَ: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} فَأَمَرَهُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى وُقُوعِ إتْيَانِ السَّاعَةِ وَبَعْثِ النَّاسِ مِنْ قُبُورِهِمْ وَهُمَا مُسْتَقِلَّانِ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ وَهَذَا {كَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرِ: لَآتِيَنَّهُ وَلَأَطُوفَنَّ بِهِ} فَهُنَا إذَا قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدْ لَا يَكُونُ غَرَضُهُ تَعْلِيقَ الْإِخْبَارِ وَإِنَّمَا غَرَضُهُ تَحْقِيقُهُ كَقَوْلِهِ: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إنْ شَاءَ اللَّهُ} فَإِنَّ هَذَا كَلَامٌ صَحِيحٌ؛ إذْ الْحَوَادِثُ كُلُّهَا لَا تَكُونُ إلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ مِثْلَ مَا لَوْ قَالَ: لَيَكُونَنَّ إنْ اتَّفَقَتْ أَسْبَابُ كَوْنِهِ. وَالنَّاسُ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَإِنْ اتَّفَقَتْ أَسْبَابُ كَوْنِهِ كَانَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ مُخْبِرًا لَهُمْ بِذَلِكَ كَانَ مُتَكَلِّمًا بِمَا لَا يُفِيدُ.