للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ تَرْكِهِ. وَهَذَا مَعْنَى كَلَامِ أَحْمَد فِي. . . (١) وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ أَوْجَبَهُ كَمَا أَنَّ الْمُرْجِئَةَ تَحْظُرُهُ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَدْ يَرَى تَرْكَهُ أَحْسَنَ. فَالْإِقْسَامُ فِيهِ: إمَّا وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ أَوْ مَمْنُوعٌ. حَظْرًا أَوْ كَرَاهَةً أَوْ مَسْنُونًا أَوْ مُسْتَوِي الْحَالَتَيْنِ. وَبِهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْيَمِينِ يَظْهَرُ مَعْنَى الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ مِنْ جَوَازِ نَسْخِ ذَلِكَ أَوْ الْخَلْفِ فِيهِ؛ فَإِنَّ مَنْ رَآهُمَا خَبَرًا: قَالَ النَّسْخُ يَقْتَضِي الْكَذِبَ وَالْآخَرُ يَقُولُ هُوَ خَبَرٌ مُتَضَمِّنٌ مَعْنَى الطَّلَبِ. فَإِذَا قَالَ: إنْ فَعَلْت هَذَا ضَرَبْتُك. تَضَمَّنَ إنِّي مُرِيدٌ السَّاعَةَ لِضَرْبِك إذَا فَعَلْته وَمُخْبِرُك بِهِ؛ فَلَيْسَ هُوَ خَبَرًا مَحْضًا فَيَكُونُ النَّسْخُ عَائِدًا إلَى مَا فِيهِ مِنْ الطَّلَبِ تَغْلِيبًا لِلطَّلَبِ عَلَى الْخَبَرِ كَمَا أَنَّهُ فِي بَابِ الْمَشِيئَةِ وَالْكَفَّارَةِ غَلَبَ الْخَبَرُ عَلَى الطَّلَبِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ إذَا تَضَمَّنَ مَعْنَيَانِ فَقَدْ يَغْلِبُ أَحَدُهُمَا بِحَسَبِ الضمائم؛ وَلِهَذَا فَرَّقَ فِي الْخَلْفِ بَيْنَ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ لِأَنَّ الْوَاعِدَ لَمَّا تَضَمَّنَ كَلَامُهُ طَلَبَ الْخَبَرِ الْمَوْعُودِ بِهِ مِنْ نَفْسِهِ فِي مَعْرِضِ الْمُقَابَلَةِ صَارَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْتِزَامِهِ الْأَعْوَاضَ مِنْ الْعُقُودِ؛ فَإِنَّهُ أَمْرٌ وَجَبَ لِغَيْرِهِ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ إبْطَالُهُ وَالْمُتَوَعِّدُ تَضَمَّنَ كَلَامُهُ طَلَبَ الشَّرِّ الْمُتَوَعَّدِ بِهِ فِي مَعْرِضِ الْمُقَابَلَةِ بِمَنْزِلَةِ إلْزَامِهِ لِغَيْرِهِ عِوَضًا إذَا بَذَلَ هُوَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَمَا وَجَبَ لَهُ عَلَى الْغَيْرِ فَلَهُ الْتِزَامُهُ وَلَهُ تَرْكُ الْتِزَامِهِ.


(١) بياض بالأصل
قال الشيخ ناصر بن حمد الفهد (ص ٢٤٧):
وموضع البياض هو أحد الروايات عن الإمام أحمد رحمه الله في الاستثناء في الإيمان، وانظر رواياته في هذا الباب في: ٧/ ٢٥٣ - ٢٥٧.
ولعل الرواية هي قوله عن المستثني: إذا كان يقول: إن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص مخافة واحتياطا، ليس كما يقولون على الشك، إنما يستثني للعمل.