للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَالْفَسْخُ رَفْعُ الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ الْإِرَادَةُ أَوْ الْإِبَاحَةُ وَكَذَلِكَ الْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ رَفْعُ الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ إرَادَةُ الْإِعْطَاءِ أَوْ الْإِبَاحَةِ. فَهَذَا كُلُّهُ إنَّمَا كَانَ لِأَنَّ مِنْ الْكَلَامِ مَا تَضَمَّنَ مَعْنَى الطَّلَبِ وَالْخَبَرِ وَهُوَ الْأَيْمَانُ وَالنُّذُورُ وَالْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ وَالْعُقُودُ. فَهَذَا " الْقِسْمُ الثَّالِثُ " الْمُرَكَّبُ هُوَ الَّذِي اضْطَرَبَ النَّاسُ فِي أَحْكَامِهِ وَلِهَذَا قَسَّمَ بَعْضُهُمْ الْكَلَامَ إلَى خَبَرٍ وَإِنْشَاءٍ لِيَكُونَ الْإِنْشَاءُ أَعَمَّ مِنْ الطَّلَبِ؛ لِأَنَّهُ يُنْشِئُ طَلَبًا وَإِذْنًا وَمَا ثَمَّ غَيْرُ الطَّلَبِ وَالْإِذْنِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَطْلُبَ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وُجُودًا أَوْ عَدَمًا. وَقَدْ يُقَالُ: الْإِذْنُ يَتَضَمَّنُ مَعْنَى الطَّلَبِ؛ لِأَنَّهُ طَلَبَ مِنْ نَفْسِهِ تَمْكِينَ الْمَأْذُونِ لَهُ كَمَا أَنَّ الِالْتِزَامَ مُتَضَمِّنٌ مَعْنَى الطَّلَبِ لِأَنَّهُ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ حَقًّا يَطْلُبُهُ الْمُسْتَحِقُّ وُجُوبًا وَهُنَاكَ جَعَلَهُ لَهُ مُبَاحًا. فَهَذَا هَذَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: فَيَعُودُ الْأَمْرُ إلَى طَلَبٍ أَوْ خَبَرٍ؛ أَوْ مُرَكَّبٍ مِنْهُمَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

فَصْلٌ:

وَبِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْأَصْلِ تَظْهَرُ مَسْأَلَةُ " الِاسْتِثْنَاءِ فِي الظِّهَارِ " فَإِنَّ قَوْلَهُ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ. وَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي. قَالَ أَحْمَد: يَصِحُّ فِيهِ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّ مُوجَبَهُ الْكَفَّارَةُ إذَا حَنِثَ بِالْعَوْدِ. وَأَصْلُ أَحْمَد: أَنَّ كُلَّ مَا شُرِعَتْ فِيهِ الْكَفَّارَةُ شُرِعَ فِيهِ الْيَمِينُ وَإِلَّا فَلَا.