للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ -:

فَصْلٌ:

فِيمَا جَعَلَ اللَّهُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ فِيهِ وَمَا لَمْ يَجْعَلْ لِوَاحِدِ مِنْ الْمَخْلُوقِينَ الْحُكْمَ فِيهِ بَلْ الْحُكْمُ فِيهِ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ لِأَحَدِ مِنْ الْحُكَّامِ أَنْ يَحْكُمَ فِيهِ عَلَى غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ مِنْ آحَادِ الْعَامَّةِ. وَهَذَا مِثْلُ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ الْكُلِّيَّةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ جَمِيعَ الْخَلْقِ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهَا وَيَعْمَلُوا بِهَا وَقَدْ بَيَّنَهَا فِي كِتَابِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ أَوْ تَنَازَعَتْ الْأُمَّةُ فِيهِ إذَا وَقَعَ فِيهِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْحُكَّامِ وَبَيْنَ آحَادِ الْمُسْلِمِينَ: مِنْ الْعُلَمَاءِ أَوْ الْجُنْدِ أَوْ الْعَامَّةِ أَوْ غَيْرِهِمْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ فِيهَا عَلَى مَنْ يُنَازِعُهُ وَيُلْزِمَهُ بِقَوْلِهِ وَيَمْنَعَهُ مِنْ الْقَوْلِ الْآخَرِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُؤْذِيَهُ أَوْ يُعَاقِبَهُ. مِثْلُ أَنْ يَتَنَازَعَ حَاكِمٌ أَوْ غَيْرُ حَاكِمٍ فِي قَوْلِهِ: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} هَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْجِمَاعُ؟ كَمَا فَسَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ وَقَالُوا: إنَّ مَسَّ الْمَرْأَةِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ لَا لِشَهْوَةِ وَلَا لِغَيْرِ شَهْوَةٍ. أَوْ الْمُرَادُ بِهِ اللَّمْسُ بِجَمِيعِ الْبَشَرَةِ إمَّا لِشَهْوَةِ وَإِمَّا مُطْلَقًا؟ كَمَا نُقِلَ الْأَوَّلُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ. وَالثَّالِثُ قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ. وَلِلْعُلَمَاءِ فِي هَذَا " ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ".