للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَهَذِهِ الْأُمُورُ الْكُلِّيَّةُ لَيْسَ لِحَاكِمِ مِنْ الْحُكَّامِ كَائِنًا مَنْ كَانَ - وَلَوْ كَانَ مِنْ الصَّحَابَةِ - أَنْ يَحْكُمَ فِيهَا بِقَوْلِهِ عَلَى مَنْ نَازَعَهُ فِي قَوْلِهِ فَيَقُولُ: أَلْزَمْته أَنْ لَا يَفْعَلَ وَلَا يُفْتِيَ إلَّا بِالْقَوْلِ الَّذِي يُوَافِقُ لِمَذْهَبِي؛ بَلْ الْحُكْمُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْحَاكِمُ وَاحِدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ تَكَلَّمَ بِمَا عِنْدَهُ وَإِذَا كَانَ عِنْدَ مُنَازِعِهِ عِلْمٌ تَكَلَّمَ بِهِ فَإِنْ ظَهَرَ الْحَقُّ فِي ذَلِكَ وَعُرِفَ حُكْمُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجَبَ عَلَى الْجَمِيعِ اتِّبَاعُ حُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ خَفِيَ ذَلِكَ أُقِرَّ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى قَوْلِهِ - أُقِرَّ قَائِلُ هَذَا الْقَوْلِ عَلَى مَذْهَبِهِ وَقَائِلُ هَذَا الْقَوْلِ عَلَى مَذْهَبِهِ - وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَمْنَعَ الْآخَرَ إلَّا بِلِسَانِ الْعِلْمِ وَالْحُجَّةِ وَالْبَيَانِ فَيَقُولُ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْعِلْمِ. وَأَمَّا " بِالْيَدِ وَالْقَهْرِ " فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ إلَّا فِي الْمُعَيَّنَةِ الَّتِي يُتَحَاكَمُ فِيهَا إلَيْهِ مِثْلُ مَيِّتٍ مَاتَ وَقَدْ تَنَازَعَ وَرَثَتُهُ فِي قَسْمِ تَرِكَتِهِ فَيُقَسِّمُهَا بَيْنَهُمْ إذَا تَحَاكَمُوا إلَيْهِ وَإِذَا حَكَمَ هُنَا بِأَحَدِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ أَلْزَمَ الْخَصْمَ بِحُكْمِهِ. وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقُولَ أَنَا لَا أَرْضَى حَتَّى يَحْكُمَ بِالْقَوْلِ الْآخَرِ. وَكَذَلِكَ إذَا تَحَاكَمَ إلَيْهِ اثْنَانِ فِي دَعْوَى يَدَّعِيهَا أَحَدُهُمَا فَصَلَ بَيْنَهُمَا كَمَا أَمَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَأَلْزَمَ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بِمَا حَكَمَ بِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ: أَنْت حَكَمْت عَلَيَّ بِالْقَوْلِ الَّذِي لَا أَخْتَارُهُ؛ فَإِنَّ الْحَاكِمَ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ} وَقَدْ يَخُصُّ اللَّهُ بَعْضَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ