للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِكَفَالَتِهَا مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَنْ ثَمَانِ سِنِينَ وَقَدْ حَصَلَ الْآنَ مَرَضٌ شَدِيدٌ وَأَحْضَرَ شُهُودًا وَكَتَبَ لِزَوْجَتِهِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَأُخْتُهَا مُطَلَّقَةٌ كَتَبَ لَهُمَا الصَّدَاقَ وَكَانَتْ قَدْ أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ وَهِيَ فِي الشَّامِ مِنْ حِينِ طَلَّقَهَا وَكَتَبَ لِأُمِّهِمْ خَمْسَمِائَةٍ وَمَنَعَنِي حَقِّي وَالْبِنْتُ الَّتِي لَهُ مِنِّي حَقُّهَا مِنْ الْوِرَاثَةِ وَمِنْ حِينِ رُزِقَتْ الْأَوْلَادَ مَا سَاوَاهُمْ بِشَيْءِ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَقَدْ أَعْطَى رِزْقَهُ لَهَا؟

فَأَجَابَ:

إقْرَارُهُ لِزَوْجَتِهِ لَا يَصِحُّ لَا سِيَّمَا أَنْ يَجْعَلَهُ وَصِيَّةً فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ لَا تَلْزَمُ بِدُونِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَلِكَ إقْرَارُهُ لِلْوَارِثِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ لَا سِيَّمَا مَعَ التُّهْمَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالْإِمَامِ أَحْمَد وَغَيْرِهِمْ. وَكَذَلِكَ إقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ الَّذِي أَبْرَأَتْهُ صَاحِبَتُهُ لَا يَجُوزُ؛ فَإِذَا كَانَتْ قَدْ أَبْرَأَتْهُ مِنْ الصَّدَاقِ ثُمَّ أَقَرَّ لَهَا بِهِ لَمْ يَجُزْ هَذَا الْإِقْرَارُ لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ كَذِبٌ وَلَوْ جَعَلَ ذَلِكَ تَمْلِيكًا لَهَا بَدَلَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَيْضًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ التَّمْلِيكُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ. وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُ الْبِنْتِ حَقَّهَا مِنْ الْإِرْثِ وَلَا يَمْنَعُ الْمُطَلَّقَةَ مَا يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ وَفِي الْحَدِيثِ: {مَنْ قَطَعَ مِيرَاثًا قَطَعَ اللَّهُ مِيرَاثَهُ مِنْ الْجَنَّةِ} . وَفِي السُّنَنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إنْ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ سِتِّينَ سَنَةً بِطَاعَةِ اللَّهِ؛ ثُمَّ يَجُورُ فِي وَصِيَّتِهِ فَيُخْتَمُ لَهُ بِسُوءِ فَيَدْخُلُ النَّارَ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ سِتِّينَ سَنَةً بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ ثُمَّ يَعْدِلُ فِي وَصِيَّتِهِ فَيُخْتَمُ لَهُ بِخَيْرِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ} ثُمَّ قَرَأَ قَوْله تَعَالَى