للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَيْهِ وَاسْتِلْزَامُ الْحُدُوثِ سَابِقَةُ الْعَدَمِ؛ وَلِافْتِقَارِ الْمُحْدَثِ إلَى مُحْدِثٍ وَلِوُجُوبِ وُجُودِهِ بِنَفْسِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. وَمَذْهَبُ السَّلَفِ بَيْنَ التَّعْطِيلِ وَالتَّمْثِيلِ فَلَا يُمَثِّلُونَ صِفَاتِ اللَّهِ بِصِفَاتِ خَلْقِهِ كَمَا لَا يُمَثِّلُونَ ذَاتَه بِذَاتِ خَلْقِهِ وَلَا يَنْفُونَ عَنْهُ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَوَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ. فَيُعَطِّلُوا أَسْمَاءَهُ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلْيَا وَيُحَرِّفُوا الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيُلْحِدُوا فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ. وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ فَرِيقَيْ التَّعْطِيلِ وَالتَّمْثِيلِ: فَهُوَ جَامِعٌ بَيْنَ التَّعْطِيلِ وَالتَّمْثِيلِ. أَمَّا الْمُعَطِّلُونَ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَصَفَاتِهِ إلَّا مَا هُوَ اللَّائِقُ بِالْمَخْلُوقِ ثُمَّ شَرَعُوا فِي نَفْيِ تِلْكَ الْمَفْهُومَاتِ؛ فَقَدْ جَمَعُوا بَيْنَ التَّعْطِيلِ وَالتَّمْثِيلِ مَثَّلُوا أَوَّلًا وَعَطَّلُوا آخِرًا وَهَذَا تَشْبِيهٌ وَتَمْثِيلٌ مِنْهُمْ لِلْمَفْهُومِ مِنْ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ بِالْمَفْهُومِ مِنْ أَسْمَاءِ خَلْقِهِ وَصِفَاتِهِمْ وَتَعْطِيلٌ لِمَا يَسْتَحِقُّهُ هُوَ سُبْحَانَهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ اللَّائِقَةِ بِاَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. فَإِنَّهُ إذَا قَالَ الْقَائِلُ: لَوْ كَانَ اللَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ لَلَزِمَ إمَّا أَنْ يَكُونَ أَكْبَرَ مِنْ الْعَرْشِ أَوْ أَصْغَرَ أَوْ مُسَاوِيًا وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ الْمُحَالِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْكَلَامِ: فَإِنَّهُ لَمْ يُفْهَمْ مِنْ كَوْنِ اللَّهِ عَلَى الْعَرْشِ إلَّا مَا يَثْبُتُ لِأَيِّ جِسْمٍ كَانَ عَلَى أَيِّ جِسْمٍ كَانَ وَهَذَا اللَّازِمُ تَابِعٌ لِهَذَا الْمَفْهُومِ. إمَّا اسْتِوَاءٌ يَلِيقُ بِجَلَالِ اللَّهِ تَعَالَى وَيَخْتَصُّ بِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ اللَّوَازِمِ الْبَاطِلَةِ الَّتِي يَجِبُ نَفْيُهَا كَمَا يَلْزَمُ مِنْ سَائِرِ الْأَجْسَامِ وَصَارَ هَذَا مِثْلَ قَوْلِ الْمَثَلِ: إذَا كَانَ لِلْعَالَمِ صَانِعٌ فَإِمَّا أَنْ