للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذَلِكَ يَقُولُ: إنَّ الْعَقْلَ أَحَالَ ذَلِكَ فَاضْطَرَّ إلَى التَّأْوِيلِ؛ بَلْ مَنْ يُنْكِرُ حَقِيقَةَ حَشْرِ الْأَجْسَادِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ الْحَقِيقِيِّ فِي الْجَنَّةِ: يَزْعُمُ أَنَّ الْعَقْلَ أَحَالَ ذَلِكَ وَأَنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَى التَّأْوِيلِ وَمَنْ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ فَوْقَ الْعَرْشِ: يَزْعُمُ أَنَّ الْعَقْلَ أَحَالَ ذَلِكَ وَأَنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَى التَّأْوِيلِ. وَيَكْفِيك دَلِيلًا عَلَى فَسَادِ قَوْلِ هَؤُلَاءِ: إنَّهُ لَيْسَ لِوَاحِدِ مِنْهُمْ قَاعِدَةٌ مُسْتَمِرَّةٌ فِيمَا يُحِيلُهُ الْعَقْلُ بَلْ مِنْهُمْ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ الْعَقْلَ جَوَّزَ وَأَوْجَبَ مَا يَدَّعِي الْآخَرُ أَنَّ الْعَقْلَ أَحَالَهُ. فَيَا لَيْتَ شِعْرِي بِأَيِّ عَقْلٍ يُوزَنُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ؟ فَرَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ حَيْثُ قَالَ: " أَوَكُلَّمَا جَاءَنَا رَجُلٌ أَجْدَلُ مِنْ رَجُلٍ تَرَكْنَا مَا جَاءَ بِهِ جِبْرِيلُ إلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجَدَلِ هَؤُلَاءِ ". وَكُلٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَخْصُومٌ بِمَا خُصِمَ بِهِ الْآخَرُ وَهُوَ مِنْ وُجُوهٍ: - (أَحَدُهَا بَيَانُ أَنَّ الْعَقْلَ لَا تُحِيلُ ذَلِكَ. وَ (الثَّانِي أَنَّ النُّصُوصَ الْوَارِدَةَ لَا تَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ. وَ (الثَّالِثُ أَنَّ عَامَّةَ هَذِهِ الْأُمُورِ قَدْ عُلِمَ أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ بِهَا بِالِاضْطِرَارِ كَمَا أَنَّهُ جَاءَ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَصَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ. فَالتَّأْوِيلُ الَّذِي يُحِيلُهَا عَنْ هَذَا بِمَنْزِلَةِ تَأْوِيلِ الْقَرَامِطَةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ فِي الْحَجِّ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَسَائِرِ مَا جَاءَتْ بِهِ النُّبُوَّاتُ. (الرَّابِعُ: أَنْ يُبَيَّنَ أَنَّ الْعَقْلَ الصَّرِيحَ يُوَافِقُ مَا جَاءَتْ بِهِ النُّصُوصُ؛ وَإِنْ