للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْجَنُوبِ؛ فَإِنَّ الْمَعْمُورَ مِنْ الْأَرْضِ مِنْ النَّاحِيَةِ الشَّمَالِيَّةِ مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي هِيَ شَمَالُ خَطِّ الِاسْتِوَاءِ الْمُحَاذِي لِدَائِرَةِ مُعْتَدِلِ النَّهَارِ الَّتِي نِسْبَتُهَا إلَى الْقُطْبَيْنِ - الشَّمَالِيِّ وَالْجَنُوبِيِّ - نِسْبَةٌ وَاحِدَةٌ؛ وَلِهَذَا يُقَالُ فِي حَرَكَةِ الْفَلَكِ إنَّهَا عَلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ دولابية مِثْلُ الدُّولَابِ وَإِنَّهَا عِنْدَ الْقُطْبَيْنِ رحاوية تُشْبِهُ حَرَكَةَ الرَّحَى وَإِنَّهَا فِي الْمَعْمُورِ مِنْ الْأَرْضِ حمائلية تُشْبِهُ حَمَائِلَ السُّيُوفِ. وَالْمَعْمُورُ الْمَسْكُونُ مِنْ الْأَرْضِ يُقَالُ: إنَّهُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ دَرَجَةً أَكْثَرُ مِنْ السُّدُسِ بِقَلِيلِ. وَالْكَلَامُ عَلَى هَذَا لِبَسْطِهِ مَوْضِعٌ آخَرُ: ذَكَرْنَا فِيهِ دِلَالَةَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَقْوَالَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَسَائِرَ مَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ " الْفَلَكَ " مُسْتَدِيرٌ. وَقَدْ ذَكَرَ إجْمَاعَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْإِمَامُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْمُنَادِي الَّذِي لَهُ نَحْوُ " أَرْبَعِمِائَةِ مُصَنَّفٍ " وَهُوَ مِنْ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ وَأَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُمْ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ الشَّمْسَ إذَا طَلَعَتْ عَلَى أَوَّلِ الْبِلَادِ الشَّرْقِيَّةِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ إمَّا وَقْتَ غُرُوبِهَا وَإِمَّا قَرِيبًا مِنْ وَقْتِ غُرُوبِهَا عَلَى آخِرِ الْبِلَادِ الْغَرْبِيَّةِ فَإِنَّهَا تَكُونُ بِحَيْثُ يَكُونُ الضَّوْءُ أَمَامَهَا تِسْعِينَ دَرَجَةً وَخَلْفَهَا تِسْعِينَ دَرَجَةً؛ فَهَذَا مُنْتَهَى نُورِهَا. فَإِذَا طَلَعَتْ عَلَيْهِمْ كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُمْ تِسْعُونَ دَرَجَةً وَكَذَلِكَ عَلَى كُلِّ بَلَدٍ تَطْلُعُ عَلَيْهِ؛ وَالْحَاسِبُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الدَّرَجَاتِ كَمَا يُفَرِّقُ بَيْنَ السَّاعَاتِ فَإِنَّ السَّاعَاتِ الْمُخْتَلِفَةَ الزَّمَانِيَّةَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا خَمْسَ عَشْرَةَ دَرَجَةً بِحَسَبِ ذَلِكَ الزَّمَانِ