للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَبِي بَرْزَةَ السجستاني عَنْ الصَّلْتِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: {جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقَرِيبٌ رَبُّنَا فَنُنَاجِيَهُ أَمْ بَعِيدٌ فَنُنَادِيَهُ؟ فَسَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي} } . إذَا أَمَرْتهمْ أَنْ يَدْعُونِي فَدَعَوْنِي أَسْتَجِيبُ لَهُمْ. وَلَا يُقَالُ فِي هَذَا: قَرِيبٌ بِعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ؛ فَإِنَّهُ عَالِمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَهُمْ لَمْ يَشُكُّوا فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَسْأَلُوا عَنْهُ وَإِنَّمَا سَأَلُوا عَنْ قُرْبِهِ إلَى مَنْ يَدْعُوهُ وَيُنَاجِيهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذَا دَعَانِ} فَأَخْبَرَ أَنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ. وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ تُفَسِّرُ " الْقُرْبَ " فِي الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ بِالْعِلْمِ؛ لِكَوْنِهِ هُوَ الْمَقْصُودُ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ يَعْلَمُ وَيَسْمَعُ دُعَاءَ الدَّاعِي حَصَلَ مَقْصُودُهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي اقْتَضَى أَنْ يَقُولَ مَنْ يَقُولُ: إنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ بِمَعْنَى الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ؛ فَإِنَّ هَذَا قَدْ قَالَهُ بَعْضُ السَّلَفِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ وَكَثِيرٌ مِنْ الْخَلَفِ؛ لَكِنْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إنَّ نَفْسَ ذَاتِهِ قَرِيبَةٌ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَهَذَا الْمَعْنَى يُقِرُّ بِهِ جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ؛ مَنْ يَقُولُ: إنَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ وَمَنْ يَقُولُ إنَّهُ لَيْسَ فَوْقَ الْعَرْشِ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الماجشون قَالَ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} يَعْلَمُ وَهُوَ كَذَلِكَ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ