للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَجُلًا كَانَ يُكْثِرُ قِرَاءَةَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلُوهُ لِمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ فَأَنَا أُحِبُّهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ} ". فَمَنْ وَصَفَ مَوْصُوفًا بِأَمْرِ لَيْسَ هُوَ مُتَّصِفًا بِهِ كَانَ كَاذِبًا؛ فَمَنْ وَصَفَ اللَّهَ بِأَنَّهُ خَالِقٌ وَرَازِقٌ وَعَالِمٌ وَقَادِرٌ وَقَالَ مَعَ ذَلِكَ: إنَّهُ نَفْسَهُ لَيْسَ مُتَّصِفًا بِعِلْمِ وَقُدْرَةٍ أَوْ لَيْسَ مُتَّصِفًا بِفِعْلِ هُوَ الْخَلْقُ وَالْإِحْيَاءُ كَانَ قَدْ وَصَفَهُ بِأَمْرِ وَهُوَ يَقُولُ: لَيْسَ مُتَّصِفًا بِهِ؛ فَيَكُونُ قَدْ كَذَّبَ نَفْسَهُ فِيمَا وَصَفَ بِهِ رَبَّهُ وَجَمَعَ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ فَقَالَ: هُوَ مُتَّصِفٌ بِهَذَا؛ لَيْسَ مُتَّصِفًا بِهَذَا. وَهَذَا حَقِيقَةُ أَقْوَالِ الْنُّفَاةِ فَإِنَّهُمْ يُثْبِتُونَ أُمُورًا هِيَ حَقٌّ وَيَقُولُونَ مَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَهَا فَيَجْمَعُونَ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ وَيَظْهَرُ فِي أَقْوَالِهِمْ التَّنَاقُضُ. وَحَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ: أَنَّهُ مَوْجُودٌ لَيْسَ بِمَوْجُودِ عَالِمٌ لَيْسَ بِعَالِمٍ حَيٌّ لَيْسَ بِحَيِّ وَلِهَذَا كَانَ غُلَاتُهُمْ يَمْتَنِعُونَ عَنْ الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ مَعًا؛ فَلَا يَصِفُونَهُ لَا بِإِثْبَاتِ؛ وَلَا بِنَفْيٍ كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ خُلُوَّهُ عَنْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ بَاطِلٌ أَيْضًا؛ فَإِنَّ النَّقِيضَيْنِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يَرْتَفِعَانِ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ هَذِهِ " الْمُقَدِّمَةَ " الصَّحِيحَةَ: أَنَّهُ لَوْ خَلَقَهُ فِي مَحَلٍّ لَكَانَ صِفَةً لِذَلِكَ الْمَحَلِّ؛ هِيَ مُقَدِّمَةٌ صَحِيحَةٌ وَالسَّلَفُ وَأَتْبَاعُهُمْ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجُمْهُورُ: يَقُولُونَ بِهَا؛ وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ وَالْأَشْعَرِيَّةُ فَيَتَنَاقَضُونَ فِيهَا كَمَا تَقَدَّمَ.