للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَنْ قَالَ: إنَّ ظَاهَرَ شَيْءٍ مِنْ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ غَيْرُ مُرَادٍ فَقَدْ أَخْطَأَ؛ لِأَنَّهُ مَا مِنْ اسْمٍ يُسَمَّى اللَّهُ تَعَالَى بِهِ إلَّا وَالظَّاهِرُ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ الْمَخْلُوقُ غَيْرُ مُرَادٍ بِهِ فَكَانَ قَوْلُ هَذَا الْقَائِلِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ قَدْ أُرِيدَ بِهَا مَا يُخَالِفُ ظَاهِرَهَا وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْكَلَامِ مِنْ الْفَسَادِ. (وَالْمَعْنَى الثَّانِي: أَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ إنَّمَا هِيَ صِفَاتُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَمَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ نِسْبَتُهَا إلَى ذَاتِهِ الْمُقَدَّسَةِ كَنِسْبَةِ صِفَاتِ كُلِّ شَيْءٍ إلَى ذَاتِهِ فَيُعْلَمُ أَنَّ الْعِلْمَ صِفَةٌ ذَاتِيَّةٌ لِلْمَوْصُوفِ وَلَهَا خَصَائِصُ وَكَذَلِكَ الْوَجْهُ. وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ مُسْتَغْنٍ عَنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَاجِبَةٌ لِذَاتِهِ وَ " الْإِلَهُ " الْمَعْبُودُ سُبْحَانَهُ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِجَمِيعِ هَذِهِ الصِّفَاتِ. وَلَيْسَ غَرَضُنَا الْآنَ الْكَلَامَ مَعَ نفاة الصِّفَاتِ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا الْكَلَامُ مَعَ مَنْ يُثْبِتُ بَعْضَ الصِّفَاتِ. وَكَذَلِكَ " فِعْلُهُ " نَعْلَمُ أَنَّ الْخَلْقَ هُوَ إبْدَاعُ الْكَائِنَاتِ مِنْ الْعَدَمِ وَإِنْ كُنَّا لَا نُكَيِّفُ ذَلِكَ الْفِعْلَ وَلَا يُشْبِهُ أَفْعَالَنَا إذْ نَحْنُ لَا نَفْعَلُ إلَّا لِحَاجَةِ إلَى الْفِعْلِ وَاَللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ. وَكَذَلِكَ " الذَّاتُ " تُعْلَمُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُمَاثِلُ الذَّوَاتَ الْمَخْلُوقَةَ وَلَا يَعْلَمُ مَا هُوَ إلَّا هُوَ وَلَا يُدْرِكُ لَهَا كَيْفِيَّةً فَهَذَا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ إطْلَاقِ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَهُوَ الَّذِي يَجِبُ أَنْ تُحْمَلَ عَلَيْهِ.