للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَثْبُتُ لِخَلْقِهِ فَهُوَ أَوْلَى وَأَحَقُّ بِاتِّصَافِهِ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ وَلَوْ لَمْ يَتَّصِفْ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ لَكَانَتْ مَخْلُوقَاتُهُ أَكْمَلَ مِنْهُ. وَهَذَا بِعَيْنِهِ قَدْ احْتَجُّوا بِهِ فِي " مَسْأَلَةِ الْكَلَامِ " وَهُوَ مُطَّرِدٌ فِي تَكَلُّمِهِ بِعِبَارَةِ الْقُرْآنِ وَمَعْنَاهُ جَمِيعًا. وَقَدْ اسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَّصِفْ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ لَاتَّصَفَ بِنَقَائِضِهَا وَهِيَ صِفَاتُ نَقْصٍ وَاَللَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ؛ فَلَوْ لَمْ يُوصَفْ بِالْحَيَاةِ لَوُصِفَ بِالْمَوْتِ وَلَوْ لَمْ يُوصَفْ بِالْعِلْمِ لَوُصِفَ بِالْجَهْلِ وَلَوْ لَمْ يُوصَفْ بِالْكَلَامِ لَوُصِفَ بِالْخَرَسِ وَلَوْ لَمْ يُوصَفْ بِالْبَصَرِ وَالسَّمْعِ لَوُصِفَ بِالْعَمَى وَالصَّمَمِ. وَلِلْمَلَاحِدَةِ هُنَا " سُؤَالٌ مَشْهُورٌ " وَهُوَ: أَنَّ هَذِهِ الْمُتَقَابِلَاتِ لَيْسَتْ مُتَقَابِلَةً تَقَابُلَ السَّلْبِ وَالْإِيجَابِ - حَتَّى يَلْزَمَ مِنْ نَفْيِ أَحَدِهِمَا ثُبُوتُ الْآخَرِ -؛ بَلْ هِيَ مُتَقَابِلَةٌ تُقَابِلُ " الْعَدَمَ وَالْمَلَكَةَ " وَهُوَ: سَلْبُ الشَّيْءِ عَمَّا شَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ قَابِلًا لَهُ؛ كَعَدَمِ الْعَمَى عَنْ الْحَيَوَانِ الْقَابِلِ لَهُ؛ فَأَمَّا الْجَمَادُ فَإِنَّهُ لَا يُوصَفُ عِنْدَهُمْ بِالْعَمَى وَلَا الْبَصَرِ لِعَدَمِ قَبُولِهِ لِوَاحِدِ مِنْ هَذَيْنِ. وَقَدْ أَعْيَا هَذَا السُّؤَالُ كَثِيرًا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ - حَتَّى أَبِي الْحَسَنِ الآمدي وَأَمْثَالِهِ: مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ - وَظَنُّوا أَنَّهُ لَا جَوَابَ عَنْهُ وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ فِي أَجْوِبَتِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَذَكَرَ مِنْ جُمْلَةِ " الْأَجْوِبَةِ " عَنْ هَذَا أَنْ يُقَالَ: هَذَا أَبْلَغُ فِي النَّقْصِ؛ فَإِنَّ مَا كَانَ قَابِلًا لِلِاتِّصَافِ بِالْبَصَرِ وَالْعَمَى وَالْعِلْمِ وَالْجَهْلِ وَالْكَلَامِ وَالْخَرَسِ. فَهُوَ أَكْمَلُ مِمَّا لَا يَقْبَلُ وَاحِدًا مِنْهُمَا؛ إذْ الْحَيَوَانُ أَكْمَلُ مِنْ الْجَمَادِ فَإِذَا كَانَ الِاتِّصَافُ بِصِفَاتِ النَّقْصِ عَيْبًا مَعَ إمْكَانِ الِاتِّصَافِ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ؛ فَعَدَمُ