للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلٌ:

قَالَ الَّذِينَ نَصَرُوا مَذْهَبَ جَهْمٍ فِي الْإِيمَانِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ - كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ وَهَذَا لَفْظُهُ - فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَمَا الْإِسْلَامُ عِنْدَكُمْ؟ قِيلَ لَهُ: " الْإِسْلَامُ ": الِانْقِيَادُ وَالِاسْتِسْلَامُ؛ فَكُلُّ طَاعَةٍ انْقَادَ الْعَبْدُ بِهَا لِرَبِّهِ وَاسْتَسْلَمَ فِيهَا لِأَمْرِهِ فَهِيَ إسْلَامٌ، وَالْإِيمَانُ: خَصْلَةٌ مِنْ خِصَالِ الْإِسْلَامِ؛ وَكُلُّ إيمَانٍ إسْلَامٌ وَلَيْسَ كُلُّ إسْلَامٍ إيمَانًا فَإِنْ قَالَ: فَلِمَ قُلْتُمْ: إنَّ مَعْنَى الْإِسْلَامِ مَا وَصَفْتُمْ؟ قِيلَ: لِأَجْلِ قَوْله تَعَالَى {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} فَنَفَى عَنْهُمْ الْإِيمَانَ وَأَثْبَتَ لَهُمْ الْإِسْلَامَ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِمَا أَثْبَتَهُ الِانْقِيَادَ وَالِاسْتِسْلَامَ وَمِنْهُ: {وَأَلْقَوْا إلَيْكُمُ السَّلَمَ} وَكُلُّ مَنْ اسْتَسْلَمَ لِشَيْءِ فَقَدْ أَسْلَمَ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَسْلِمِ لِلَّهِ وَلِنَبِيِّهِ. " قُلْت ": وَهَذَا الَّذِي ذَكَرُوهُ مَعَ بُطْلَانِهِ وَمُخَالَفَتِهِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ هُوَ تَنَاقُضٌ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا الْإِيمَانَ خَصْلَةً مِنْ خِصَالِ الْإِسْلَامِ فَالطَّاعَاتُ كُلُّهَا إسْلَامٌ وَلَيْسَ فِيهَا إيمَانٌ إلَّا التَّصْدِيقُ. وَالْمُرْجِئَةُ وَإِنْ قَالُوا: إنَّ الْإِيمَانَ يَتَضَمَّنُ الْإِسْلَامَ فَهُمْ يَقُولُونَ: الْإِيمَانُ هُوَ تَصْدِيقُ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَأَمَّا الْجَهْمِيَّة فَيَجْعَلُونَهُ تَصْدِيقَ الْقَلْبِ فَلَا تَكُونُ الشَّهَادَتَانِ وَلَا الصَّلَاةُ وَلَا الزَّكَاةُ وَلَا غَيْرُهُنَّ مِنْ الْإِيمَانِ وَقَدْ