للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَهُ مَنْفَعَةً وَيَدْفَعُوا عَنْهُ مَضَرَّةً مَا. وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ تَيْسِيرِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُمْ لَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ إلَّا لِحُظُوظِهِمْ مِنْ الْعَبْدِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَمَلُ لِلَّهِ. فَإِنَّهُمْ إذَا أَحَبُّوهُ طَلَبُوا أَنْ يَنَالُوا غَرَضَهُمْ مِنْ مَحَبَّتِهِ سَوَاءٌ أَحَبُّوهُ لِجَمَالِهِ الْبَاطِنِ أَوْ الظَّاهِرِ فَإِذَا أَحَبُّوا الْأَنْبِيَاءَ وَالْأَوْلِيَاءَ طَلَبُوا لِقَاءَهُمْ فَهُمْ يُحِبُّونَ التَّمَتُّعَ بِرُؤْيَتِهِمْ؛ وَسَمَاعِ كَلَامِهِمْ؛ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ مَنْ أَحَبَّ إنْسَانًا لِشَجَاعَتِهِ أَوْ رِيَاسَتِهِ؛ أَوْ جَمَالِهِ أَوْ كَرَمِهِ؛ فَهُوَ يَجِبُ أَنْ يَنَالَ حَظَّهُ مِنْ تِلْكَ الْمَحَبَّةِ؛ وَلَوْلَا الْتِذَاذُهُ بِهَا لَمَا أَحَبَّهُ؛ وَإِنْ جَلَبُوا لَهُ مَنْفَعَةً كَخِدْمَةِ أَوْ مَالٍ؛ أَوْ دَفَعُوا عَنْهُ مَضَرَّةً كَمَرَضٍ وَعَدُوٍّ - وَلَوْ بِالدُّعَاءِ أَوْ الثَّنَاءِ - فَهُمْ يَطْلُبُونَ الْعِوَضَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَمَلُ لِلَّهِ؛ فَأَجْنَادُ الْمُلُوكِ؛ وَعَبِيدُ الْمَالِكِ؛ وَأُجَرَاءُ الصَّانِعِ؛ وَأَعْوَانُ الرَّئِيسِ؛ كُلُّهُمْ إنَّمَا يَسْعَوْنَ فِي نَيْلِ أَغْرَاضِهِمْ بِهِ؛ لَا يُعَرِّجُ أَكْثَرُهُمْ عَلَى قَصْدِ مَنْفَعَةِ الْمَخْدُومِ؛ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ عُلِّمَ وَأُدِّبَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى؛ فَيَدْخُلُ ذَلِكَ فِي الْجِهَةِ الدِّينِيَّةِ؛ أَوْ يَكُونُ فِيهَا طَبْعُ عَدْلٍ؛ وَإِحْسَانٌ مِنْ بَابِ الْمُكَافَأَةِ وَالرَّحْمَةِ؛ وَإِلَّا فَالْمَقْصُودُ بِالْقَصْدِ الْأَوَّلِ هُوَ مَنْفَعَةُ نَفْسِهِ؛ وَهَذَا مِنْ حِكْمَةِ اللَّهِ الَّتِي أَقَامَ بِهَا مَصَالِحَ خَلْقِهِ؛ وَقَسَمَ بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا؛ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ؛: لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا. إذَا تَبَيَّنَ هَذَا ظَهَرَ أَنَّ الْمَخْلُوقَ لَا يَقْصِدُ مَنْفَعَتَكَ. بِالْقَصْدِ الْأَوَّلِ؛ بَلْ إنَّمَا يَقْصِد مَنْفَعَتَهُ بِكَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَدْ يَكُونُ عَلَيْكَ فِيهِ ضَرَرٌ إذَا لَمْ يُرَاعِ الْعَدْلَ؛ فَإِذَا دَعَوْتَهُ؛ فَقَدْ دَعَوْتَ مَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مَنْ نَفْعِهِ. وَالرَّبُّ سُبْحَانَهُ يُرِيدُ لَكَ؛ وَلِمَنْفَعَتِكَ بِكَ؛ لَا لِيَنْتَفِعَ بِك. وَذَلِكَ مَنْفَعَةٌ عَلَيْكَ بِلَا مَضَرَّةٍ. فَتَدَبَّرْ هَذَا؛ فَمُلَاحَظَةُ هَذَا الْوَجْهِ يَمْنَعُكَ أَنْ تَرْجُوَ الْمَخْلُوقَ أَوْ