للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَسْبَابِهِ، كَذَلِكَ رَجَاءُ رَحْمَةِ اللَّهِ وَخَوْفُ عَذَابِهِ مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ فِي النَّجَاةِ مِنْ عَذَابِهِ وَحُصُولِ رَحْمَتِهِ.

وَالِاسْتِثْنَاءُ بِالْمَشِيئَةِ يَحْصُلُ فِي الْخَبَرِ الْمَحْضِ وَفِي الْخَبَرِ الَّذِي مَعَهُ طَلَبٌ؛ فَالْأَوَّلُ إذَا حَلَفَ عَلَى جُمْلَةٍ خَبَرِيَّةٍ لَا يَقْصِدُ بِهِ حَضًّا وَلَا مَنْعًا بَلْ تَصْدِيقًا أَوْ تَكْذِيبًا كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَيَكُونَنَّ كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ لَا يَكُونُ كَذَا. وَالْمُسْتَثْنِي قَدْ يَكُونُ عَالِمًا بِأَنَّ هَذَا يَكُونُ أَوْ لَا يَكُونُ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {لَتَدْخُلُنَّ} فَإِنَّ هَذَا جَوَابٌ غَيْرُ مَحْذُوفٍ. وَالثَّانِي: مَا فِيهِ مَعْنَى الطَّلَبِ، كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا أَوْ لَا أَفْعَلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ؛ فَالصِّيغَةُ صِيغَةُ خَبَرٍ ضَمَّنَهَا الطَّلَبَ وَلَمْ يَقُلْ: وَاَللَّهِ إنِّي لَمُرِيدٌ هَذَا وَلَا عَازِمٌ عَلَيْهِ بَلْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَيَكُونَنَّ. فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فَقَدْ حَنِثَ لِوُقُوعِ الْأَمْرِ بِخِلَافِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَحَنِثَ فَإِذَا قَالَ: " إنْ شَاءَ اللَّهُ " فَإِنَّمَا حَلَفَ عَلَيْهِ بِتَقْدِيرِ: إنْ يَشَأْ اللَّهُ لَا مُطْلَقًا. وَلِهَذَا ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّهُ مَتَى لَمْ يُوجَدْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ حَنِثَ أَوْ مَتَى وَجَدَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ حَنِثَ سَوَاءٌ كَانَ نَاسِيًا أَوْ مُخْطِئًا أَوْ جَاهِلًا فَإِنَّهُمْ لَحَظُوا أَنَّ هَذَا فِي مَعْنَى الْخَبَرِ فَإِذَا وُجِدَ بِخِلَافِ مُخْبِرِهِ فَقَدْ حَنِثَ، وَقَالَ الْآخَرُونَ: بَلْ هَذَا مَقْصُودُهُ الْحَضُّ وَالْمَنْعُ كَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَمَتَى نُهِيَ الْإِنْسَانُ عَنْ شَيْءٍ فَفَعَلَهُ نَاسِيًا أَوْ مُخْطِئًا لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا فَكَذَلِكَ هَذَا.