للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا} . فَإِنَّ صِيغَةَ " أَنَا " وَ " نَحْنُ " وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ يَتَنَاوَلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ مَعَهُ - الْإِيمَانُ الْمُطْلَقُ - الَّذِي يَسْتَحِقُّونَ بِهِ الثَّوَابَ. بِلَا عِقَابٍ وَمِنْ هُنَا قِيلَ إنَّ الْفَاسِقَ الْمِلِّي يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ مُؤْمِنٌ بِاعْتِبَارِ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: لَيْسَ مُؤْمِنًا بِاعْتِبَارِ. وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَكُونُ مُسْلِمًا لَا مُؤْمِنًا وَلَا مُنَافِقًا مُطْلَقًا بَلْ يَكُونُ مَعَهُ أَصْلُ الْإِيمَانِ دُونَ حَقِيقَتِهِ الْوَاجِبَةِ. وَلِهَذَا أَنْكَرَ أَحْمَد وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ عَلَى مَنْ فَسَّرَ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَيْسَ مِنَّا " لَيْسَ مِثْلَنَا أَوْ لَيْسَ مِنْ خِيَارِنَا وَقَالَ هَذَا تَفْسِيرُ " الْمُرْجِئَةِ " وَقَالُوا: لَوْ لَمْ يَفْعَلْ هَذِهِ الْكَبِيرَةَ كَانَ يَكُونُ مِثْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَذَلِكَ تَفْسِيرُ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ بِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ الْإِيمَانِ بِالْكُلِّيَّةِ وَيَسْتَحِقُّ الْخُلُودَ فِي النَّارِ؛ تَأْوِيلٌ مُنْكَرٌ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا هَذَا وَلَا هَذَا. وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَعْرِفَةَ الشَّيْءِ الْمَحْبُوبِ تَقْتَضِي حُبَّهُ وَمَعْرِفَةُ الْمُعَظَّمِ تَقْتَضِي تَعْظِيمَهُ وَمَعْرِفَةُ الْمُخَوَّفِ تَقْتَضِي خَوْفَهُ، فَنَفْسُ الْعِلْمِ وَالتَّصْدِيقُ بِاَللَّهِ وَمَا لَهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى وَالصِّفَاتِ الْعُلَى يُوجِبُ مَحَبَّةَ الْقَلْبِ لَهُ وَتَعْظِيمَهُ وَخَشْيَتَهُ؛ وَذَلِكَ يُوجِبُ إرَادَةَ طَاعَتِهِ وَكَرَاهِيَةَ مَعْصِيَتِهِ.

وَالْإِرَادَةُ الْجَازِمَةُ مَعَ الْقُدْرَةِ تَسْتَلْزِمُ وُجُودَ الْمُرَادِ وَوُجُودَ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ مِنْهُ؛ فَالْعَبْدُ إذَا كَانَ مُرِيدًا