للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَهُمْ قَصْدٌ فِي الْخَيْرِ بِلَا مَعْرِفَةٍ لَهُ وَيَنْضَمُّ إلَى ذَلِكَ الظَّنُّ وَاتِّبَاعُ الْهَوَى؛ فَلَا يَبْقَى فِي الْحَقِيقَةِ مَعْرِفَةٌ نَافِعَةٌ؛ وَلَا قَصْدٌ نَافِعٌ بَلْ يَكُونُ كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْ مُشْرِكِي أَهْلِ الْكِتَابِ: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} . فَالْإِيمَانُ فِي الْقَلْبِ لَا يَكُونُ إيمَانًا بِمُجَرَّدِ تَصْدِيقٍ لَيْسَ مَعَهُ عَمَلُ الْقَلْبِ وَمُوجِبُهُ مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ كَمَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ إيمَانًا بِمُجَرَّدِ ظَنٍّ وَهَوًى؛ بَلْ لَا بُدَّ فِي أَصْلِ الْإِيمَانِ مِنْ قَوْلِ الْقَلْبِ وَعَمَلِ الْقَلْبِ، وَلَيْسَ لَفْظُ الْإِيمَانِ مُرَادِفًا لِلَفْظِ التَّصْدِيقِ كَمَا يَظُنُّهُ طَائِفَةٌ مِنْ النَّاسِ؛ فَإِنَّ التَّصْدِيقَ يُسْتَعْمَلُ فِي كُلِّ خَبَرٍ فَيُقَالُ لِمَنْ أَخْبَرَ بِالْأُمُورِ الْمَشْهُورَةِ مِثْلُ: الْوَاحِدُ نِصْفُ الِاثْنَيْنِ، وَالسَّمَاءُ فَوْقَ الْأَرْضِ مُجِيبًا: صَدَقْت وَصَدَّقْنَا بِذَلِكَ؛ وَلَا يُقَالُ: آمَنَّا لَك وَلَا آمَنَّا بِهَذَا حَتَّى يَكُونَ الْمُخْبِرُ بِهِ مِنْ الْأُمُورِ الْغَائِبَةِ فَيُقَالُ لِلْمُخْبِرِ آمَنَّا لَهُ وَلِلْمُخْبَرِ بِهِ آمَنَّا بِهِ كَمَا قَالَ إخْوَةُ يُوسُفَ: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} أَيْ بِمُقِرِّ لَنَا وَمُصَدِّقٍ لَنَا لِأَنَّهُمْ أَخْبَرُوهُ عَنْ غَائِبٍ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} وقَوْله تَعَالَى {يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} وقَوْله تَعَالَى {أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ} وقَوْله تَعَالَى {وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ} {فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ} أَيْ: أَقَرَّ لَهُ.