للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالزِّيَارَةُ الشَّرْعِيَّةُ: هِيَ أَنْ يَزُورَهُ لِلَّهِ تَعَالَى: لِلدُّعَاءِ لَهُ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ كَمَا يُصَلِّي عَلَى جِنَازَتِهِ. فَهَذَا الثَّانِي هُوَ الْمَشْرُوعُ وَلَكِنْ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ لَا يَقْصِدُ بِالزِّيَارَةِ إلَّا الْمَعْنَى الْأَوَّلَ فَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَقُولَ: زُرْت قَبْرَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إيهَامِ الْمَعْنَى الْفَاسِدِ الَّذِي يَقْصِدُهُ أَهْلُ الْبِدَعِ وَالشِّرْكِ.

الثَّالِثَةُ أَنْ يُقَالَ: أَسْأَلُك بِفُلَانِ أَوْ بِجَاهِ فُلَانٍ عِنْدَك وَنَحْوِ ذَلِكَ الَّذِي تَقَدَّمَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ. وَتَقَدَّمَ أَيْضًا أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمَشْهُورِ عَنْ الصَّحَابَةِ بَلْ عَدَلُوا عَنْهُ إلَى التَّوَسُّلِ بِدُعَاءِ الْعَبَّاسِ وَغَيْرِهِ. وَقَدْ تَبَيَّنَ مَا فِي لَفْظِ " التَّوَسُّلِ " مِنْ الِاشْتِرَاكِ بَيْنَ مَا كَانَتْ الصَّحَابَةُ تَفْعَلُهُ وَبَيْنَ مَا لَمْ يَكُونُوا يَفْعَلُونَهُ فَإِنَّ لَفْظَ التَّوَسُّلِ وَالتَّوَجُّهِ فِي عُرْفِ الصَّحَابَةِ وَلُغَتِهِمْ هُوَ التَّوَسُّلُ وَالتَّوَجُّهُ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ. وَلِهَذَا يَجُوزُ أَنْ يَتَوَسَّلَ وَيَتَوَجَّهَ بِدُعَاءِ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ الْمَشَايِخِ الْمَتْبُوعِينَ يَحْتَجُّ بِمَا يَرْوِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إذَا أَعْيَتْكُمْ الْأُمُورُ فَعَلَيْكُمْ بِأَهْلِ الْقُبُورِ أَوْ فَاسْتَعِينُوا بِأَهْلِ الْقُبُورِ} فَهَذَا الْحَدِيثُ كَذِبٌ مُفْتَرًى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِجْمَاعِ الْعَارِفِينَ بِحَدِيثِهِ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ بِذَلِكَ وَلَا يُوجَدُ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمُعْتَمَدَةِ.