للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَتَكَلَّمَ النَّاسُ حِينَئِذٍ فِي الْإِيمَانِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْإِيمَانُ مَخْلُوقٌ وَأَدْرَجُوا فِي ذَلِكَ مَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهِ مِنْ الْإِيمَانِ مِثْلَ: قَوْلِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَصَارَ مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ أَنَّ نَفْسَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ مَخْلُوقَةٌ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ اللَّهُ بِهَا فَبَدَّعَ الْإِمَامُ أَحْمَد هَؤُلَاءِ وَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً أَعْلَاهَا قَوْلُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ} أَفَيَكُونُ قَوْلُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مَخْلُوقًا. وَمُرَادُهُ أَنَّ مَنْ قَالَ: هِيَ مَخْلُوقَةٌ مُطْلَقًا كَانَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ إنَّ اللَّهَ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ كَمَا أَنَّ مَنْ قَالَ: إنَّ أَلْفَاظَنَا وَتِلَاوَتَنَا وَقِرَاءَتَنَا لِلْقُرْآنِ مَخْلُوقَةٌ كَانَ مُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِالْقُرْآنِ الَّذِي أَنْزَلَهُ وَأَنَّ الْقُرْآنَ الْمُنَزَّلَ لَيْسَ هُوَ كَلَامَ اللَّهِ وَأَنْ يَكُونَ جِبْرِيلُ نَزَلَ بِمَخْلُوقِ لَيْسَ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ وَالْمُسْلِمُونَ يَقْرَءُونَ قُرْآنًا مَخْلُوقًا لَيْسَ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ وَقَدْ عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الْقُرْآنَ الَّذِي يَقْرَؤُهُ الْمُسْلِمُونَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ مَسْمُوعًا مِنْ الْمُبَلِّغِ عَنْهُ فَإِنَّ الْكَلَامَ قَدْ سُمِعَ مِنْ الْمُتَكَلِّمِ بِهِ كَمَا سَمِعَهُ مُوسَى بِلَا وَاسِطَةٍ وَهَذَا سَمَاعٌ مُطْلَقٌ - كَمَا يَرَى الشَّيْءَ رُؤْيَةً مُطْلَقَةً وَقَدْ يَسْمَعُهُ مِنْ الْمُبَلِّغِ عَنْهُ فَيَكُونُ قَدْ سَمِعَهُ سَمْعًا مُقَيَّدًا - كَمَا يَرَى الشَّيْءَ فِي الْمَاءِ وَالْمِرْآةِ رُؤْيَةً مُقَيَّدَةً لَا مُطْلَقَةً أَوْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} كَانَ مَعْلُومًا عِنْدَ جَمِيعِ مَنْ خُوطِبَ بِالْقُرْآنِ أَنَّهُ يَسْمَعُ سَمَاعًا مُقَيَّدًا مِنْ الْمُبَلِّغِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ يَسْمَعُ مِنْ اللَّهِ. وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ قَالَ: إنَّهُ يَسْمَعُ صَوْتَ الْقَارِئِ مِنْ اللَّهِ ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ