للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ قَالَ: {وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} {وَفِي مُوسَى إذْ أَرْسَلْنَاهُ إلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} أَيْ فِي قِصَّةِ مُوسَى آيَةٌ أَيْضًا. هَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ كَأَبِي الْفَرَجِ وَقِيلَ: هُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ} {وَفِي مُوسَى} وَهُوَ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ قِصَّةَ فِرْعَوْنَ وَعَادٍ هِيَ مِنْ جِنْسِ قَوْمِ لُوطٍ فِيهَا ذِكْرُ الْأَنْبِيَاءِ وَمَنْ اتَّبَعَهُمْ وَمَنْ خَالَفَهُمْ يَدُلُّ بِهَا عَلَى إثْبَاتِ النُّبُوَّةِ وَعَاقِبَةِ الْمُطِيعِينَ وَالْعُصَاةِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَفِي الْأَرْضِ} {وَفِي أَنْفُسِكُمْ} فَتِلْكَ آيَاتٌ عَلَى الصَّانِعِ جَلَّ جَلَالُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُفْصَلُ بِهِ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ بِمِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ الْكَثِيرِ مَعَ أَنَّ قَبْلَهُ لَا يَصْلُحُ الْعَطْفُ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: {وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} ثُمَّ قَالَ: {وَفِي عَادٍ} {وَفِي ثَمُودَ} . ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ بَنَى السَّمَاءَ بِأَيْدٍ وَفَرَشَ الْأَرْضَ وَخَلَقَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فَلَمَّا بَيَّنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةَ عَلَى مَا يَجِبُ مِنْ الْإِيمَانِ وَعِبَادَتِهِ أَمَرَ بِذَلِكَ فَقَالَ: {فَفِرُّوا إلَى اللَّهِ إنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} {وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ} الْآيَةَ. ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ مِنْ جِنْسِ مَنْ قَبْلَهُمْ لِيَتَأَسَّى الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَيَصْبِرُوا عَلَى مَا يَنَالُهُمْ مِنْ أَذَى الْكُفَّارِ فَقَالَ {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} {أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} . فَهَذَا كُلُّهُ يَتَضَمَّنُ أَمْرَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ بِعِبَادَتِهِ وَطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رُسُلِهِ وَاسْتِحْقَاقِ مَنْ يَفْعَلُ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَإِذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: {وَمَا خَلَقْتُ