للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَصْدَرِ وَعَلَى مَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ مِنْ نَفْسِ الْقَوْلِ وَالْكَلَامِ فَيُرَادُ بِالتِّلَاوَةِ وَالْقِرَاءَةِ نَفْسُ الْقُرْآنِ الْمَقْرُوءِ الْمَتْلُوِّ؛ كَمَا يُرَادُ بِهَا مُسَمَّى الْمَصْدَرِ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ الْقَائِلَ إذَا قَالَ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ فِعْلُ اللَّهِ أَوْ فِعْلُ الْعَبْدِ؛ فَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهَا فِعْلُ اللَّهِ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ فَهَذَا بَاطِلٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَبِصَرِيحِ الْعَقْلِ وَلَكِنْ مَنْ قَالَ هِيَ فِعْلُ اللَّهِ وَأَرَادَ بِهِ أَنَّهَا مَفْعُولَةٌ مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ كَسَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ فَهَذَا حَقٌّ.

ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ قَالَ إنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ فِعْلٌ يَقُومُ بِهِ فَلَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ فِعْلِهِ وَمَفْعُولِهِ وَخَلْقِهِ وَمَخْلُوقِهِ. وَأَمَّا الْجُمْهُورُ الَّذِينَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا فَيَقُولُونَ هَذِهِ مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ مَفْعُولَةٌ لِلَّهِ لَيْسَتْ هِيَ نَفْسَ فِعْلِهِ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَهِيَ فِعْلُهُ الْقَائِمُ بِهِ وَهِيَ أَيْضًا مَفْعُولَةٌ لَهُ إذَا أُرِيدَ بِالْفِعْلِ الْمَفْعُولُ؛ فَمَنْ لَمْ يُفَرِّقْ فِي حَقِّ الرَّبِّ تَعَالَى بَيْنَ الْفِعْلِ وَالْمَفْعُولِ إذَا قَالَ إنَّهَا فِعْلُ اللَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَ لِمُسَمَّى فِعْلِ اللَّهِ عِنْدَهُ مَعْنَيَانِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَكُونُ فِعْلًا لِلْعَبْدِ وَلَا مَفْعُولَةً لَهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَبَعْضُ هَؤُلَاءِ قَالَ هِيَ فِعْلٌ لِلرَّبِّ وَلِلْعَبْدِ فَأَثْبَتَ مَفْعُولًا بَيْنَ فَاعِلَيْنِ. وَأَكْثَرُ الْمُعْتَزِلَةِ يُوَافِقُونَ هَؤُلَاءِ عَلَى أَنَّ فِعْلَ الرَّبِّ تَعَالَى لَا يَكُونُ إلَّا بِمَعْنَى مَفْعُولِهِ مَعَ أَنَّهُمْ يُفَرِّقُونَ فِي الْعَبْدِ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالْمَفْعُولِ؛ فَلِهَذَا عَظُمَ النِّزَاعُ