للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} وَنَظَائِرُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرَةٌ. فَإِذَا عُرِفَ مَا فِي لَفْظِ " التَّأْثِيرِ " مِنْ الْإِجْمَالِ وَالِاشْتِرَاكِ ارْتَفَعَتْ الشُّبْهَةُ وَعُرِفَ الْعَدْلُ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ. فَمَنْ قَالَ: إنَّ الْمُؤْمِنَ وَالْكَافِرَ سَوَاءٌ فِيمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا مِنْ الْأَسْبَابِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْإِيمَانِ وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَمْ يَخُصَّهُ اللَّهُ بِقُدْرَةِ وَلَا إرَادَةٍ آمَنَ بِهَا وَإِنَّ الْعَبْدَ إذَا فَعَلَ لَمْ تَحْدُثْ لَهُ مَعُونَةٌ مِنْ اللَّهِ وَإِرَادَةٌ لَمْ تَكُنْ قَبْلَ الْفِعْلِ: فَقَوْلُهُ مَعْلُومُ الْفَسَادِ. وَقِيلَ لِهَؤُلَاءِ: فِعْلُ الْعَبْدِ مِنْ جُمْلَةِ الْحَوَادِثِ وَالْمُمْكِنَاتِ فَكُلُّ مَا بِهِ يُعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحْدَثَ غَيْرَهُ يَعْلَمُ بِهِ أَنَّ اللَّهَ أَحْدَثَهُ. فَكَوْنُ الْعَبْدِ فَاعِلًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ أَمْرٌ مُمْكِنٌ حَادِثٌ فَإِنْ أَمْكَنَ صُدُورُ هَذَا الْمُمْكِنِ الْحَادِثِ بِدُونِ مُحْدِثٍ وَاجِبٍ يُحْدِثُهُ وَيُرَجِّحُ وُجُودَهُ عَلَى عَدَمِهِ أَمْكَنَ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ فَانْتَقَضَ دَلِيلُ إثْبَاتِ الصَّانِعِ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ مُتَكَلِّمَةِ الْإِثْبَاتِ الْقَائِلِينَ بِالْقَدَرِ سَلَّمُوا لِلْمُعْتَزِلَةِ أَنَّ الْقَادِرَ الْمُخْتَارَ يُمْكِنُهُ تَرْجِيحُ أَحَدِ مَقْدُورَيْهِ عَلَى الْآخَرِ بِلَا مُرَجِّحٍ وَقَالُوا فِي " مَسْأَلَةِ إحْدَاثِ الْعَالَمِ " إنَّ الْقَادِرَ الْمُخْتَارَ أَوْ الْإِرَادَةَ الْقَدِيمَةَ الَّتِي نِسْبَتُهَا إلَى جَمِيعِ الْحَوَادِثِ وَالْأَزْمِنَةِ نِسْبَةٌ وَاحِدَةٌ رَجَّحَتْ أَنْوَاعًا مِنْ الْمُمْكِنَاتِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي رَجَّحَتْهُ بِلَا حُدُوثِ سَبَبٍ اقْتَضَى الرُّجْحَانَ وَادَّعَوْا أَنَّ الْقَادِرَ الْمُخْتَارَ يُمْكِنُهُ التَّرْجِيحُ بِلَا مُرَجِّحٍ أَوْ الْإِرَادَةُ الْقَدِيمَةُ تُرَجِّحُ بِلَا مُرَجِّحٍ آخَرَ فَاعْتَرَضَ عَلَيْهِمْ هُنَاكَ مَنْ نَازَعَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ وَالْفَلَاسِفَةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ الْحَوَادِثَ