للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْأَزَلِ قِيلَ ذَاكَ كَانَ حَاصِلًا بِدُونِ مَا أَحْدَثَهُ مِنْ الْمَفْعُولَاتِ فَامْتَنَعَ أَنْ تَكُونَ الْمَفْعُولَاتُ فُعِلَتْ لِكَيْ يَحْصُلَ ذَاكَ؛ فَقَوْلُكُمْ كَمَا تَضْمَنُ أَنَّ الْمَفْعُولَاتِ تَحْدُثُ بِلَا سَبَبٍ يُحْدِثُهُ اللَّهُ تَعَالَى يَتَضَمَّنُ أَنَّهُ يَفْعَلُهَا بِلَا حِكْمَةٍ يُحِبُّهَا وَيَرْضَاهَا قَالُوا: فَقَوْلُكُمْ يَتَضَمَّنُ نَفْيَ إرَادَتِهِ الْمُقَارِنَةِ وَمَحَبَّتِهِ وَحِكْمَتِهِ الَّتِي لَا يَحْصُلُ الْفِعْلُ إلَّا بِهَا. (وَالْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ قَالُوا: إنَّ الْحِكْمَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِهِ تَحْصُلُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ كَمَا يَحْصُلُ الْفِعْلُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ. قَالُوا وَإِنْ قَامَ ذَلِكَ بِذَاتِهِ فَهُوَ كَقِيَامِ سَائِرِ مَا أَخْبَرَ بِهِ مِنْ صِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ بِذَاتِهِ. وَالْمُعْتَزِلَةُ تَنْفِي قِيَامَ الصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ بِهِ وَتُسَمِّي الصِّفَاتِ أَعْرَاضًا وَالْأَفْعَالَ حَوَادِثَ وَيَقُولُونَ لَا تَقُومُ بِهِ الْأَعْرَاضُ وَلَا الْحَوَادِثُ فَيَتَوَهَّمُ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ حَقِيقَةَ قَوْلِهِمْ إنَّهُمْ يُنَزِّهُونَ اللَّهَ تَعَالَى عَنْ النَّقَائِصِ وَالْعُيُوبِ وَالْآفَاتِ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ اللَّهَ يَجِبُ تَنْزِيهُهُ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ وَنَقْصٍ وَآفَةٍ فَإِنَّهُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الصَّمَدُ السَّيِّدُ الْكَامِلُ فِي كُلِّ نَعْتٍ مِنْ نُعُوتِ الْكَمَالِ كَمَالًا يُدْرِكُ الْخَلْقُ حَقِيقَتَهُ مُنَزَّهٌ عَنْ كُلِّ نَقْصٍ تَنْزِيهًا لَا يُدْرِكُ الْخَلْقُ كَمَالِهِ. وَكُلُّ كَمَالٍ ثَبَتَ لِمَوْجُودِ مِنْ غَيْرِ اسْتِلْزَامٍ نَقْصٌ فَالْخَالِقُ تَعَالَى أَحَقُّ بِهِ وَأَكْمَلُ فِيهِ مِنْهُ وَكُلُّ نَقْصٍ يُنَزَّهُ عَنْهُ مَخْلُوقٌ فَالْخَالِقُ أَحَقُّ بِتَنْزِيهِهِ عَنْهُ وَأَوْلَى بِبَرَاءَتِهِ مِنْهُ. رَوَيْنَا مِنْ طَرِيقٍ غَيْرِ وَاحِدٍ كَعُثْمَانِ بْنِ سَعِيدٍ الدارمي وَأَبِي جَعْفَرٍ الطبري وَأَبِي بَكْرٍ البيهقي وَغَيْرِهِمْ فِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى {الصَّمَدُ} قَالَ: السَّيِّدُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي سُؤْدُدِهِ وَالشَّرِيفُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ