للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَا أُسَلِّمُ أَنَّهُ يَلْزَمُ التَّسَلْسُلُ أَوْ يَقُولُ لَا أُسَلِّمُ أَنَّ التَّسَلْسُلَ فِي الْآثَارِ مُمْتَنِعٌ فَهَذِهِ أَرْبَعُ مُمَانَعَاتٍ لَا بُدَّ مِنْهَا. وَيَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا فَاسِدَةً بَلْ لَا بُدَّ مِنْ صِحَّةِ وَاحِدٍ مِنْهَا وَأَيُّهَا صَحَّ انْدَفَعَ بِهِ السُّؤَالُ وَهُوَ الْمَقْصُودُ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ الْعَقْلِيَّةَ تَحْصُرُ الْأَقْسَامَ فِيمَا ذُكِرَ فَمَنْ تَوَجَّهَ عِنْدِهِ أَحَدُ الْأَقْسَامِ قَالَ بِهِ وَنَحْنُ قَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى أُصُولِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَوَازِمِهَا وَأَقْوَالِ النَّاسِ فِيهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا الذَّبُّ عَنْ مَجْمُوعِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ هَذَا السُّؤَالَ مِمَّا أَوْرَدَهُ عَلَى النَّاسِ الْقَائِلُونَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْهُ أَجْوِبَةً مُتَعَدِّدَةً فِيمَا كَتَبْنَاهُ فِي جَوَابِ شُبْهَةِ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ. وَمِنْ جُمْلَةِ أَجْوِبَتِهِمْ أَنْ يُقَالَ: هَذَا السُّؤَالُ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِحُدُوثِ الْعَالَمِ بَلْ هُوَ وَارِدٌ فِي كُلِّ مَا يَحْدُثُ فِي الْوُجُودِ مِنْ الْحَوَادِثِ وَالْحُدُوثُ مَشْهُودٌ مَحْسُوسٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْعُقَلَاءِ. فَكُلُّ مَا يُورِدُهُ الْمُورِدُ عَلَى حُدُوثِ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُورَدُ عَلَيْهِ نَظِيرُهُ فِي الْحَوَادِثِ الْمَشْهُودَةِ. وَقَدْ نَبَّهْنَا عَلَى جِنْسِ مَا تَحْتَجُّ بِهِ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنْ الطَّوَائِفِ فِي هَذَا الْمَقَامِ لَكِنَّ اسْتِقْصَاءَ الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ لَا تَسَعُهُ هَذِهِ الْأَوْرَاقُ وَلَا يَحْتَمِلُهُ هَذَا الْمَقَامُ.