للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَيْضًا يُحِبُّ الْفَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُضِرًّا بِالشَّخْصِ مَكْرُوهًا لَهُ بِكُلِّ اعْتِبَارٍ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ خَلَقَهُ لِحِكْمَةِ فِي ذَلِكَ. وَإِذَا كَانَ اللَّهُ خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ لِحِكْمَةِ لَهُ فِي ذَلِكَ فَإِذَا شَهِدَ الْعَبْدُ أَنَّ لَهُ حِكْمَةً وَرَأَى هَذَا مَعَ الْجَمْعِ الَّذِي يَشْتَرِكُ فِيهِ الْمَخْلُوقَاتُ فَلَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ أَنْ يَشْهَدَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْفَرْقِ الَّذِي فَرَّقَ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ؛ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ شُهُودِ هَذَا الْفَرْقِ فِي ذَلِكَ الْجَمْعِ وَهَذَا الشُّهُودُ مُطَابِقٌ لِعِلْمِ اللَّهِ وَحِكْمَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {قُلْ إنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} فَأَخْبَرَ أَنَّ مَنْ كَانَتْ مَحْبُوبَاتُهُ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْوَعِيدِ، وَقَالَ فِي الَّذِينَ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةً عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةً عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} . فَلَا بُدَّ لِمُحِبِّ اللَّهِ مِنْ مُتَابَعَةِ الرَّسُولِ وَالْمُجَاهَدَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ بَلْ هَذَا لَازِمٌ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ. قَالَ تَعَالَى: {إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ