للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ آلَ الْأَمْرُ بِطَائِفَةِ مِمَّنْ يَجْعَلُونَ بَعْضَ صِفَاتِ الْعَبْدِ قَدِيمًا إلَى أَنْ جَعَلُوا الرُّوحَ الَّتِي فِيهِ قَدِيمَةً وَقَالُوا: بِقِدَمِ النُّورِ الْقَائِمِ بِالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْمَقَالَاتِ الَّتِي بَيَّنَّا فَسَادَهَا وَمُخَالَفَتَهَا لِلسَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَهَؤُلَاءِ يَشْتَرِكُونَ فِي الْقَوْلِ بِحُلُولِ بَعْضِ صِفَاتِ الْخَالِقِ فِي الْمَخْلُوقِ وَأَمَّا الْجَهْمِيَّة الَّذِينَ هُمْ شَرٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ فَيَئُولُ الْأَمْرُ بِهِمْ إلَى أَنْ يَجْعَلُوا الْخَالِقَ نَفْسَهُ يَحِلُّ فِي الْمَخْلُوقَاتِ كُلِّهَا أَوْ يَجْعَلُوهُ عَيْنَ وُجُودِ الْمَخْلُوقَاتِ وَكَانَ قَدْ اجْتَمَعَ شَيْخُ هَؤُلَاءِ الْحُلُولِيَّةِ الْجَهْمِيَّة بِشُيُوخِ أُولَئِكَ الْحُلُولِيَّةِ الصفاتية. وَبِسَبَبِ هَذِهِ الْبِدَعِ وَأَمْثَالِهَا وَغَيْرِهَا مِنْ مُخَالَفَةِ الشَّرِيعَةِ جَرَى مَا جَرَى مِنْ الْمَصَائِبِ عَلَى الْأَئِمَّةِ.

وَالْإِمَامُ أَحْمَد وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ أَنْكَرُوا الْقَوْلَ بِالْحُلُولِ وَشَبَّهُوا هَؤُلَاءِ بِالنَّصَارَى وَقَالَ - فِيمَا كَتَبَهُ مِنْ " الرَّدِّ عَلَى الزَّنَادِقَةِ وَالْجَهْمِيَّة " قَالَ: - فَكَانَ مِمَّا بَلَغَنَا مِنْ أَمْرِ الْجَهْمِ عَدُوِّ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ مِنْ أَهْلِ الترمذ وَكَانَ لَهُ خُصُومَاتٌ وَكَلَامٌ وَكَانَ أَكْثَرُ كَلَامِهِ فِي اللَّهِ فَلَقِيَ أُنَاسًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ يُقَالُ لَهُمْ السمنية فَعَرَفُوا الْجَهْمَ فَقَالُوا لَهُ: نُكَلِّمُكَ فَإِنْ ظَهَرَتْ حُجَّتُنَا عَلَيْكَ دَخَلْتَ فِي دِينِنَا وَإِنْ ظَهَرَتْ حُجَّتُكَ عَلَيْنَا دَخَلْنَا فِي دِينِكَ فَكَانَ مِمَّا كَلَّمُوا بِهِ الْجَهْمَ أَنْ قَالُوا: أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّ لَكَ إلَهًا؟ قَالَ الْجَهْمُ