للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نُزُولِهِ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ أَوْ وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ. بَلْ مَذْهَبُ السَّلَفِ أَنَّهُمْ يَصِفُونَ اللَّهَ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ. وَمَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٍ وَمِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلٍ. فَلَا يَنْفُونَ عَنْهُ مَا أَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ مِنْ الصِّفَاتِ وَلَا يُمَثِّلُونَ صِفَاتِهِ بِصِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ؛ فَالنَّافِي مُعَطِّلٌ وَالْمُعَطِّلُ يَعْبُدُ عَدَمًا. وَالْمُشَبِّهُ مُمَثِّلٌ وَالْمُمَثِّلُ يَعْبُدُ صَنَمًا. وَمَذْهَبُ السَّلَفِ إثْبَاتٌ بِلَا تَمْثِيلٍ وَتَنْزِيهٌ بِلَا تَعْطِيلٍ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} وَهَذَا رَدٌّ عَلَى الْمُمَثِّلَةِ. وَقَوْلُهُ: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} رَدٌّ عَلَى الْمُعَطِّلَةِ. وَأَفْعَالُ اللَّهِ لَا تُمَثَّلُ بِأَفْعَالِ الْمَخْلُوقِينَ فَإِنَّ الْمَخْلُوقِينَ عَبِيدُهُ يَظْلِمُونَ وَيَأْتُونَ الْفَوَاحِشَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى مَنْعِهِمْ وَلَوْ لَمْ يَمْنَعْهُمْ؛ لَكَانَ ذَلِكَ قَبِيحًا مِنْهُ وَكَانَ مَذْمُومًا عَلَى ذَلِكَ. وَالرَّبُّ تَعَالَى لَا يَقْبُحُ ذَلِكَ مِنْهُ لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْحِكْمَةِ الْبَالِغَةِ وَالنِّعْمَةِ السَّابِغَةِ هَذَا عَلَى قَوْلِ السَّلَفِ وَالْفُقَهَاءِ وَالْجُمْهُورِ الَّذِينَ يُثْبِتُونَ الْحِكْمَةَ فِي خَلْقِ اللَّهِ وَأَمْرِهِ. وَمَنْ قَالَ إنَّهُ لَا يَخْلُقُ شَيْئًا بِحِكْمَةِ وَلَا يَأْمُرُ بِشَيْءِ بِحِكْمَةِ؛ فَإِنَّهُ لَا يُثْبِتُ إلَّا مَحْضَ الْإِرَادَةِ الَّتِي تُرَجِّحُ أَحَدَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ بِلَا مُرَجِّحٍ كَمَا هُوَ أَصْلُ ابْنِ كُلَّابٍ وَمَنْ تَابَعَهُ وَهُوَ أَصْلُ قَوْلَيْ الْقَدَرِيَّةِ وَالْجَهْمِيَّة. وَأَمَّا الطَّرَفُ الْآخَرُ فِي " مَسْأَلَةِ التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ " فَهُوَ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: